الباحث القرآني
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون)
لما بين الله سبحانه أن ما جرى على المؤمنين يوم أحد كان امتحاناً ليتميز المؤمن من المنافق والصادق من الكاذب، بين ههنا أن من لم ينهزم وقتل فله هذه الكرامة والنعمة، وأن مثل هذا مما يتنافس فيه المتنافسون، لا مما يخاف ويحذر كما قال من حكى الله عنهم (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا) وقالوا لو أطاعونا ما قتلوا. فهذه الجملة مستأنفة لبيان هذا المعنى والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو لكل أحد.
وقرىء بالياء التحتية أي لا يحسبن حاسب.
وقد اختلف أهل العلم في الشهداء المذكورين في هذه الآية من هم فقيل شهداء أحد وقيل شهداء بدر، وقيل شهداء بئر معونة، وعلى فرض أنها نزلت في سبب خاص فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ومعنى الآية عند الجمهور أنهم أحياء حياة محققة، ثم اختلفوا فمنهم من يقول إنها ترد إليهم أرواحهم في قبورهم فيتنعمون. وقال مجاهد: يرزقون من ثمر الجنة أي يجدون ريحها وليسوا فيها.
وذهب من عدا الجمهور إلى أنها حياة مجازية، والمعنى أنهم في حكم الله مستحقون للنعم في الجنة، والصحيح الأول ولا موجب للمصير إلى المجاز.
وقد وردت السنة المطهرة بأن أرواحهم في أجواف طيور خضر، وأنهم في الجنة يرزقون ويأكلون ويتمتعون، فالطيور للأرواح كالهوادج للجالسين فيها، وبهذا قد استدل من قال أن الحياة للروح فقط، وقيل إن الحياة للروح والجسد معاً، واستدل له بقوله (عند ربهم يرزقون) الخ.
وعلى الأول وجه امتيازهم من غيرهم أن أرواحهم تدخل الجنة من وقت خروجها من أجسادهم، وأرواح بقية المؤمنين لا تدخل إلا مع أجسادها يوم القيامة، والامتياز على الثاني ظاهر.
وقال ابن عباس نزلت هذه الآية في حمزة وأصحابه، وعن أبي الضحى أنها نزلت في قتلى أحد وحمزة منهم.
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا، وفي لفظ قالوا من يبلغ إخواننا أنا أحياء في الجنة لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله أنا أبلغهم عنكم فأنزل هذه الآيات (ولا تحسبن الذين قتلوا) الآية وما بعدها [[المستدرك - كتاب التفسير 2/ 297.]].
وقد روي من وجوه كثيرة أن سبب نزول الآية قتلى أحد، وعن أنس أن سبب نزول هذه الآية قتلى بئر معونة، وعلى كل حال فالآية باعتبار عموم لفظها يدخل تحتها كل شهيد في سبيل الله.
وقد ثبت في أحاديث كثيرة في الصحيح وغيره أن أرواح الشهداء في أجواف طيور خضر، وثبت في فضل الشهداء ما يطول تعداده ويكثر إيراده مما هو معروف في كتب الحديث [[أخرجه الإمام أحمد 2388 وأبو داود 2389 والطبري 7/ 385 والحاكم 2/ 297 وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.]].
وقوله (الذين قتلوا) هو المفعول الأول، والحاسب هو النبي - صلى الله عليه وسلم - أو كل أحد كما سبق. وقيل معناها لا يحسبن الذين قتلوا أنفسهم أمواتاً، وهذا تكلف لا حاجة إليه، ومعنى النظم القرآني في غاية الوضوح والجلاء.
قيل وفي الكلام حذف والتقدير عند كرامة ربهم، قال سيبويه هذه عنديّة الكرامة لا عندية القرب، والمراد بالرزق هو الرزق المعروف في العادات على ما ذهب إليه الجمهور كما سلف وعند من عدا الجهور المراد به الثناء الجميل.
ولا وجه يقتضي تحريف الكلمات العربية في كتاب الله تعالى وحملها على مجازات بعيدة لا بسبب يقتضي ذلك.
وقد تعلق بهذا من يقول بالتناسخ من المبتدعة، ويقول بانتقال الأرواح وتنعيمها في الصور الحسان المرفهة وتعذيبها في الصور القبيحة، ويزعمون أن هذا هو الثواب والعقاب؟ وهذا ضلال مبين، وقول ليس عليه أثارة من علم لما فيه من إبطال ما جاءت به الشرائع من الحشر والنشر والمعاد والجنة والنار والأحاديث الصحيحة تدفعه وترده.
فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)
{"ayah":"وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ یُرۡزَقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق