الباحث القرآني
(إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله) القرح بالضم والفتح الجرح وهما لغتان فيه قاله الكسائي والأخفش ومعناهما واحد، وقال الفراء: هو بالفتح الجرح وبالضم ألمه، وقرىء قرح على المصدر. والآية خطاب للمسلمين حين انصرفوا من أحد مع الحزن والكآبة إن يمسسكم أيها المسلمون قرح ونالوا منكم يوم أحد فقد نلتم منهم يوم بدر، فلا تهنوا لما أصابكم في هذا اليوم فإنهم لم يهنوا لما أصابهم في ذلك اليوم، وأنتم أولى بالصبر منهم.
وقيل المراد ما أصاب المسلمين والكافرين في هذا اليوم، فإن المسلمين انتصروا عليهم في الابتداء فأصابوا منهم جماعة ثم انتصر الله عليهم فأصابوا منهم والأول أولى لأن ما أصابه المسلمون من الكفار في هذا اليوم لم يكن مثل ما أصابوه منهم فيه، وكذا ما أصابه المشركون في يوم أحد لم يكن مثل ما أصابه المسلمون منهم يوم بدر بل ضعفه كما قال تعالى: (قد أصبتم مثليها) فيمكن أن يكون المماثلة في القتلى من دون نظر إلى الأسرى، ويكون القول الأول أرجح كما سلف.
(وتلك الأيام) الكائنة بين الأمم في حروبها والآتية فيما بعد كالأيام الكائنة في زمن النبوة تارة تغلب هذه الطائفة وتارة تغلب الأخرى كما وقع لكم أيها المسلمون في يوم بدر وأحد وهو معنى قوله (نداولها بين الناس) فقوله لك مبتدأ والأيام صفته والخبر نداولها أي نصرفها بينهم نديل لهؤلاء تارة ولهؤلاء أخرى كقول من قال:
فيوماً علينا ويوماً لنا ... ويوماً نُساء ُويوماً نسر
وكقول حسان الهند السيد ازاد البلجرامي رحمه الله تعالى:
ورأيت معالم دارسة ... رسمته مزاولة السبل
وسألت رسوم الأربع ما ... فعلت بك سابقة الأزل
فأجابت قال الله لنا ... وسؤالك من جهة الغفل
تلك الأيام نداولها ... لأمكث لهن على رجل
وأصل المداولة المعاورة وأدلته بينهم عاورته، والدولة الكرة يقال تداولته الأيدي إذا انتقل من واحد إلى آخر، ويقال الدنيا دول أي تنقل من قوم إلى آخرين، ثم منهم إلى غيرهم، وقيل المداولة المناوبة على الشيء والمعاودة وتعهده مرة بعد أخرى، قاله السمين.
والمعنى أن أيام الدنيا هي دول بين الناس فيوم لهؤلاء ويوم لهؤلاء، فكانت الدولة للمسلمين على المشركين في يوم بدر حتى قتلوا منهم سبعين رجلاً وأسروا سبعين وأديل المشركون من المسلمين يوم أحد حتى جرحوا منهم سبعين وقتلوا خمساً وسبعين، والقصة في البخاري بطولها عن البراء بن عازب وفي الباب أحاديث.
والمعنى نداولها ليظهر أمركم. قال ابن عباس أدال المشركون على النبي صلى الله عليه وآله وسلمٍ يوم أحد، وبلغني أن المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد بضعة وسبعين رجلا عدد الأسارى الذين أسروا يوم بدر من المشركين وكان عدد الأسارى يوم بدر ثلاثة وسبعين رجلاً أخرجه ابن جرير وغيره.
(وليعلم الله) علم ظهور (الذين آمنوا) أي إنما جعل الدولة للكفار على المسلمين ليميز المؤمن المخلص ممن يرتد عن الدين إذا أصابته نكبة وشدة، وهو من باب التمثيل أي فعلنا فعل من يريد أن يعلم لأنه سبحانه لم يزل عالماً، أو ليعلم الله الذين آمنوا بصبرهم علماً يقع عليه الجزاء كما علمه علماً أزلياً، وقيل ليعرفهم بأعيانهم، وقيل ليعلم أولياء الله فأضاف علمهم إلى نفسه تفخيماً وقيل غير ذلك.
(ويتخذ منكم شهداء) يعني ويكرمكم بالشهادة، والشهداء جمع شهيد وهو من قتل من المسلمين بسيف الكفار في المعركة سمي بذلك لكونه مشهوداً له بالجنة أو جمع شاهد لكونه كالمشاهد للجنة، ومن للتبعيض وهم شهداء أحد.
وقال ابن عباس إن المسلمين كانوا يسألون ربهم: اللهم ربّنا أرنا يوماً كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبليك فيه خيراً ونلتمس فيه الشهادة فلقوا المشركين يوم أحد فاتخذ منهم شهداء.
(والله لا يحب الظالمين) يعني المشركين، جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه لتقرير مضمون ما قبله، وقيل هم الذين ظلموا أنفسهم بالمعاصي، قيل هم المنافقون، والأول أولى، ونفي المحبة كناية عن البغض، وفي إيقاعه على الظالمين تعريض بمحبته تعالى لمقابليهم.
وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)
{"ayah":"إِن یَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحࣱ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحࣱ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِیَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَاۤءَۗ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق