(قال سنشد عضدك بأخيك) هارون، وكان إذ ذاك بمصر، أي نقويك به فإن قوة الشخص بشدة اليد على مزاولة الأمور، ولذلك يعبر عنه باليد، وعن شدتها بشدة العضد، فهو مجاز مرسل على طريق إطلاق السبب وإرادة المسبب بمرتبتين، فإن شدة العضد سبب مستلزم لشدة اليد وشدة اليد مستلزمة لقوة الشخص في المرتبة الثانية.
قال الشهاب: الشد التقوية فهو إما كناية تلويحيية عن تقويته، لأن اليد تشد بشد العضد، والجملة تشتد بشد اليد، ولا مانع من الحقيقة كما توهم، أو استعارة تمثيلية، شبه حال موسى في تقويه بأخيه بحال اليد في تقويها بالعضد، ويقال في دعاء الخير شد الله عضدك، وفي ضده فت الله عضدك، قرأ الجمهور عضدك بفتح العين وضم الضاد وقرئ بضمهما وسكون الضاد، وبفتحهما.
(ونجعل لكما سلطاناً) أي حجة وبرهاناً أو تسلطاً وغلبة، وهيبة في قلوب الأعداء (فلا يصلون إليكما) بالأذى والسوء، ولا يقدرون على غلبتكما بالحجة (بآياتنا) أي تمنعان منهم بآياتنا أو اذهبا بآياتنا وقيل: الباء للقسم وجوابه، فلا يصلون، وما أضعف هذا القول. وقال الأخفش وابن جرير في الكلام تقديم وتأخير، أي أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا، وأولى هذه الوجوه أولها، وفي قوله (أنتما ومن اتبعكما الغالبون) تبشير لهما؛ وتقوية لقلوبهما.
{"ayah":"قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِیكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَـٰنࣰا فَلَا یَصِلُونَ إِلَیۡكُمَا بِـَٔایَـٰتِنَاۤۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَـٰلِبُونَ"}