(قال رب بما أنعمت عليَّ) الباء للقسم وما موصولة أو مصدرية أي: أقسم بإنعامك عليَّ بالمغفرة لأتوبن قاله الزمخشري والمهدوي والماوردي. وقيل: المراد بما أنعم به عليه هو ما آتاه من الحكم والمعرفة والعلم والتوحيد، قاله القرطبي. وقال الثعلبي: أي بالمغفرة فلم تعاقبني.
وجملة (فلن أكون ظهيراً للمجرمين) كالتفسير للجواب، وكأنه أقسم بما أنعم الله عليه أن لا يظاهر مجرماً، ويجوز أن تكون الباء هي باء السببية؛ متعلقة بمحذوف أي: اعصمني بسبب ما أنعمت به عليَّ. ويكون قوله: فلن أكون ظهيراً مترتباً عليه، ويكون في ذلك استعطاف لله تعالى، وتوصل إلى إنعامه بإنعامه وأراد بمظاهرة المجرمين إما صحبة فرعون والانتظام في جملته في ظاهر الأمر أو مظاهرته على ما فيه إثم أو تكثير سواده.
قال الكسائي والفراء: ليس قوله هذا خبراً، بل هو دعاء، أي: فلا تجعلني يا رب ظهيراً لهم، وبها قرأ عبد الله. وقال الفراء: المعنى اللهم فلن أكون الخ، وقال النحاس: إن جعله من باب الخبر أوفى، وأشبه بنسق الكلام وفيه دليل على أن الإسرائيلي الذي أعانه موسى كان كافراً، وقيل: أراد إني وإن أسأت في هذا القتل الذي لم أؤمر به فلا أترك نصرة المسلمين على المجرمين، فعلى هذا كان الإسرائيلي مؤمناً؛ ونصرة المؤمنين واجبة في جميع الأديان وقيل: لم يستثن فابتلي في اليوم الثاني، أي لم يقل فلم أكن إن شاء الله ظهيراً للمجرمين، كما قال الله تعالى.
{"ayah":"قَالَ رَبِّ بِمَاۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ فَلَنۡ أَكُونَ ظَهِیرࣰا لِّلۡمُجۡرِمِینَ"}