الباحث القرآني

(ألم تر أنهم في كل واد يهيمون)؟ تقرير لما قبله والخطاب لكل من تتأتى منه الرؤية، يقال: هام يهيم هيماً وهيماناً. إذا ذهب على وجهه، والهيام أن يذهب على وجهه من عشق وغيره، وهو تمثيل كما في الكشاف، والمعنى ألم تر أنهم في كل فن من فنون الكذب يخوضون؛ وفي كل شعب من شعاب الزور يتكلمون، فتارة يمزقون الأعراض بالهجاء، وتارة يأتون من المجون بكل ما يمجه السمع ويستقبحه العقل، وتارة يخوضون في بحر السفاهة والوقاحة، ويذمون الحق ويمدحون الباطل، ويرغبون في فعل المحرمات ويدعون الناس إلى فعل المنكرات، كما تسمعه في أشعارهم من مدح الخمر والزنا واللواط ونحو هذه الرذائل الملعونة. كيف وأكثر مقدماتهم خيالات لا حقيقة لها، وأغلب كلماتهم في التشبيب بالحرام والغزل والابتهار، والقدح في الأنساب والطعن في الأحساب والوعد الكاذب، والإفتخار الباطل، ومدح من لا يستحقه؛ والإطراء فيه، قاله البيضاوي، وغيره، وهذا من باب الاستعارة البليغة والتمثيل الرائع شبه جولانهم في أفانين القول بطريق المدح والذم والتشبيب وأنواع الشعر بهيام الهائم في كل وجه وطريق، والهائم هو الذي يخبط في طريقه ولا يقصد موضعاً معيناً. والهائم العاشق، والهيمان العطشان؛ والهيام داء يأخذ الإبل من العطش، وجمل أهيم، وناقة هيماء والجمع فيهما هيم قال تعالى فشاربون شرب الهيم. قال ابن عباس في الآية: في كل لغو يخوضون، وقيل: يمدحون بالباطل ويهجون بالباطل، وقيل: إنهم يمدحون الشيء ثم يذمونه لا يطلبون الحق والصدق؛ فالوادي مثل لفنون الكلام وطرقه، والغوص في المعاني والقوافي ثم قال سبحانه:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب