الباحث القرآني

(وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم). وعنه أن رجلاً سأله عن الاستئذان في الثلاث العورات، التي أمر الله بها في القرآن فقال: إن الله ستير يحب الستر، وكان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا حجاب في بيوتهم، فربما فجأ الرجل خادمه، أو ولده أو يتيم في حجره، وهو على أهله، فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العورات التي سمي الله، ثم جاء الله بعد بالستور، فبسط عليهم في الرزق، فاتخذوا الستور واتخذوا الحجال، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به. وعن ابن عمر في الآية قال: هي على المذكور دون الإناث. ولا وجه هذا التخصيص، فالاطلاع على العورات في هذه الأوقات كما يكرهه الإنسان من الذكور يكرهه من الإناث. وعن السلمي قال: هي في النساء خاصة، والرجال يستأذنون على كل حال بالليل والنهار. وعن ابن مسعود قال: عليكم إذن على أمهاتكم، وعنه قال: يستأذن الرجل على أبيه وأمه وأخته، أخرجه البخاري في الأدب وعن جابر نحوه، وسئل الشعبي عن هذه الآية أمنسوخة هي؟ قال: لا والله. قال السائل: إن الناس لا يعلمون بها، قال: والله المستعان. وقال سعيد بن جبير: إن ناساً يقولون أن هذه الآية نسخت والله ما نسخت ولكنها مما تهاون به الناس وقال سعيد بن المسبب: إنها منسوخة والأول أولى. (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ) أي ليس على المماليك ولا على الصبيان إثم في الدخول بغير استئذان، لعدم ما يوجبه من مخالفة الأمر، والاطلاع على العورات، بعد كل واحدة من هذه العورات الثلاث، وهي الأوقات المتخللة بين كل اثنين منها، والجملة مستأنفة مقررة للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة. وقال أبو البقاء (بعدهن) أي بعد استئذانهم فيهن، ورُدّ بأنه لا حاجة إلى هذا التقدير، الذي ذكره، بل المعنى ليس عليكم جناح ولا عليهم أي العبيد والإماء والصبيان في عدم الاستئذان بعد هذه الأوقات المذكورة. (طوافون) أي هم طوافون (عليكم) والجملة مستأنفة مبينة للعذر رخص في ترك الاستئذان والمعنى يطوفون عليكم، ومنه الحديث في الهرة إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات. أي هم خدمكم فلا بأس أن يدخلوا عليكم في غير هذه الأوقات بغير إذن (بعضكم) يطوف. أو طائف (على بعض) والجملة تدل مما قبلها، أو مؤكدة لها، والمعنى أن كلا منكم يطوف على صاحبه، العبيد على الموالي والموالي على العبيد، وإنما أباح سبحانه الدخول في غير تلك الأوقات، الثلاثة بغير استئذان لأنها كانت العادة أنهم لا يكشفون عوراتهم في غيرها. (كذلك) أي مثل ذلك التبيين (يبين الله لكم الآيات) الدالة على ما شرعه لكم من الأحكام (والله عليم) أي كثير العلم بالمعلومات (حكيم) كثير الحكمة في أفعاله. وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم) بين سبحانه هاهنا حكم الأطفال الأحرار إذا بلغوا الحلم، بعد ما بين فيما مر حكم الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم، في أنه لا جناح عليهم في ترك الاستئذان، فيما عدا الأوقات الثلاثة فقال (فليستأذنوا) إذا دخلوا عليكم في جميع الأوقات (كما استأذن الذين من قبلهم) الموصول عبارة عن الذين قيل لهم لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا الآية، والمعنى استئذاناً كما استأذن الأحرار الكبار الذين أمروا بالاستئذان من غير استثناء. قال عطاء: واجب على الناس أن يستأذنوا إذا احتلموا، أحراراً كانوا، أو عبيداً. وسئل حذيفة أيستأذن الرجل على والدته؟ قال: نعم. إن لم تفعل رأيت منها ما تكره. وقال الزهري وسعيد بن المسيب: يستأذن الرجل على أمه وفي هذا المعنى نزلت هذه الآية. (كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم) بأمور خلقه فيما يبين من الأحكام (حكيم) بما دبر وشرع من مصالح الأنام
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب