(نسارع لهم في الخيرات) أي فيما فيه خيرهم وإكرامهم، قال الزجاج: المعنى نسارع لهم به في الخيرات فحذفت به و (ما) في (أنما) موصولة والرابط هو هذا المحذوف، وقال الكسائي: إن (أنما) هو حرف واحد فلا تحتاج إلى رابط، وقرئ يسارع بالتحتية على أن فاعله هو الإمداد أو يسارع الله لهم، وقرئ بالنون، قال الثعلبي: وهذه هي الصواب لقوله: (نمدهم) وهذه الآية حجة على المعتزلة في مسألة الأصلح، لأنهم يقولون: إن الله لا يفعل بأحد من الخلق إلا ما هو أصلح له في الدين، وقد أخبر أن ذلك ليس بخير لهم في الدين ولا أصلح.
(بل لا يشعرون) عطف على مقدر ينسحب إليه الكلام أي إضراب انتقالي عن الحسبان المستفهم عنه، استفهام تقريع، والمعنى كلا لا نفعل ذلك، بل هم لا يشعرون بشيء أصلاً كالبهائم التي لا تفهم ولا تعقل، فإن ما خوّلناهم من النعم وأمددناهم به من الخيرات، إنما هو استدراج لهم واستجرار إلى زيادة الإثم ليزدادوا إثماً، كما قال سبحانه (إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً) وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات، ولما نفى سبحانه الخيرات الحقيقية عن الكفرة المتنعمين أتبع ذلك بذكر من هو أهل للخيرات عاجلاً وآجلاً فوصفهم بصفات أربع.
الأولى قوله:
{"ayah":"نُسَارِعُ لَهُمۡ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰتِۚ بَل لَّا یَشۡعُرُونَ"}