الباحث القرآني

بسم الله الرحمن الرحيم سورة طه (آياتها مائة وخمس وثلاثون آية أو أربعون واثنتان) قال القرطبي: مكية في قول الجميع، وبه قال ابن عباس وابن الزبير. وقال السيوطي في الاتقان: استثني منها (فاصبر على ما يقولون). وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل القرآن يوضع عن أهل الجنة فلا يقرأون منه شيئا إلا سورة طه ويس فإنهم يقرأون بهما في الجنة " وعن أنس بن مالك فذكر قصة عمر بن الخطاب مع أخته وخباب. وقراءتهما طه وكان ذلك سبب إسلام عمر والقصة مشهورة في كتب السير. بسم الله الرحمن الرحيم طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) (طه) قد اختلف أهل العلم في معنى هذه الكلمة على أقوال: الأول: أنها من المتشابه الذي لا يفهم المراد به. والثاني: أنها بمعنى يا رجل في لغة عكل، وفي لغة عك [[عك قبيلة من قبائل العرب، إهـ خازن.]]، قال الكلبي: لو قلت لرجل من عك يا رجل لم يجب حتى تقول طه، وقيل إنها في لغة عك بمعنى يا حبيبي. وقال قطرب: هي كذلك في لغة طيء، أي بمعنى يا رجل، وكذا قال الحسن وعكرمة، وقيل هي كذلك في اللغة السريانية حكاه المهدوي، وحكى ابن جرير أنها كذلك في اللغة النبطية، وبه قال السدي وسعيد بن جبير، وحكى عن عكرمة أنها كذلك في لغة الحبشة ولا مانع من أن تكون هذه الكلمة موضوعة لذلك المعنى في تلك اللغات كلها إذا صح النقل. الثالث: أنها اسم من أسماء الله سبحانه. الرابع: أنها اسم للنبي صلى الله عليه وسلم. الخامس: أنها اسم للسورة. السادس: أنها حروف مقطعة كل واحد منها على معنى، ثم اختلفوا في هذه المعاني التي تدل عليها هذه الحروف، على أقوال كلها متكلفة متعسفة. السابع: أن معناها طوبى لمن اهتدى. الثامن: أن معناها طأ الأرض يا محمد قال ابن الأنباري: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحمل مشقة الصلاة حتى كادت قدماه تتورم ويحتاج إلى التروح، فقيل له: طأ الأرض أي لا تتعب حتى تحتاج إلى التروض. وحكى القاضي عياض في الشفاء عن الربيع بن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى فأنزل الله طه يعني طأ الأرض يا محمد، وعن الحسن البصري أنه قرأ: طه، على وزن دع أمر بالوطء والأصل طأ فقلبت الهمزة هاء. التاسع: أنه قسم أقسم الله بطوله وهدايته، وعن أكثر المفسرين أن معناها يا رجل يريد النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول الحسن وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة ومجاهد وابن عباس غير أن بعضهم يقول: إنها بلسان الحبشة والنبطية والسريانية ويقول الكلبي. هي بلغة عك كما مر. قال ابن الأنباري: ولغة قريش وافقت تلك اللغة في هذا المعنى لأن الله سبحانه لم يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم بلسان غير قريش انتهى وإذا تقرر أنها لهذا المعنى في لغة من لغات العرب كانت ظاهرة المعنى، واضحة الدلالة؛ خارجة عن فواتح السور، التي قدمنا بيان كونها من المتشابه في فاتحة سورة البقرة وهكذا إذا كانت لهذا المعنى في لغة من لغات العجم، واستعملتها العرب في كلامها في ذلك المعنى كسائر الكلمات العجمية التي استعملتها العرب الموجودة في الكتاب العزيز، فإنها صارت بذلك الاستعمال من لغة العرب، قال النسفي: وما روي أن معناه يا رجل فإن صح فظاهر وإلا فالحق ما هو المذكور في سورة البقرة، انتهى ولذا قال المحلى والله أعلم بمراده بذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب