الباحث القرآني
(فإن لم تفعلوا) فيما مضى (ولن تفعلوا) ذلك فيما يأتي وتبين لكم عجزكم عن المعارضة وذلك أن النفوس الأبيَّة إذا قرعت بمثل هذا التقريع استفرغت الوسع في الإتيان بمثل القرآن أو بمثل سورة منه ولو قدروا على ذلك لأتوا به، فحيث لم يأتوا بشيء ظهرت المعجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبان عجزهم، وهم أهل الفصاحة والبلاغة، والقرآن من جنس كلامهم وكانوا حراصاً على إطفاء نوره وإبطال أمره، ثم مع هذا الحرص الشديد لم توجد المعارضة من أحدهم ورضوا بسبي الذراري وأخذ الأموال والقتل، وإذا ظهر عجزهم عن المعارضة صح صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإذا كان الأمر كذلك وجب ترك العناد.
وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها لأنها لم تقع المعارضة من أحد من الكفرة في أيام النبوة وفيما بعدها وإلى الأن، وقد كرر الله سبحانه تحدي الكفار لهذا في مواضع من القرآن منها هذا، ومنها قوله تعالى في سورة القصص (قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين) وقال في سورة سبحان (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) وقال في سورة هود (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) وقال في سورة يونس (أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين).
وقد وقع الخلاف بين أهل العلم هل وجه الإعجاز في القرآن هو كونه في الرتبة العلية من البلاغة الخارجة عن طوق البشر أو كان العجز عن المعارضة الصرفة من الله سبحانه لهم عن أن يعارضوه، والحق الأول فإن القرآن يأتي تارة بالقصة باللفظ الطويل، ثم يعيدها باللفظ الوجيز ولا يخل بالمقصود، وأنه فارقت أساليبه أساليب الكلام وأوزانه أوزان الأشعار والخطب والرسائل ولهذا تحدت العرب به فعجزوا عنه وتحيروا فيه واعترفوا بفضله، وهم معدن البلاغة وفرسان الفصاحة حتى قال الوليد بن المغيرة في وصف القرآن: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أصله لمغدق وإن أعلاه لمثمر، والكلام في هذا مبسوط في مواطنه.
(فاتقوا النار) بالإيمان بالله وكتبه ورسله والقيام بفرائضه واجتناب مناهيه وقيل المعنى فاحترزوا من إنكار كونه منزلاً من عند الله فإنه مستوجب للعقاب بالنار (التي وقودها الناس والحجارة) أي حطبها والوقود بالفتح الحطب وبالضم التوقد، وقيل كل من الفتح والضم يجري في الآلة والمصدر والمراد بالحجارة الأصنام التي كانوا يعبدونها لأنهم قرنوا أنفسهم بها في الدنيا فجعلت وقوداً للنار معهم، ويدل على هذا قوله تعالى (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) وقيل المراد بها حجارة الكبريت لأنها أكثر التهاباً قاله ابن عباس، وقيل جميع الحجارة، وفيه دليل على عظم تلك النار وقوتها وفي هذا من التهويل ما لا يقادر قدره من كون هذه النار تتقد بالناس والحجارة فأوقدت بنفس ما يراد إحراقه بها.
(أعدت للكافرين) أي لمن كان مثل ما أنتم عليه من الكفر، قاله ابن عباس والمعنى جعلت عدة لعذابهم وهيئت لذلك، واخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية وقودها الناس والحجارة قال أوقد عليها ألف عام حتى احمرت وألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة لا يطفأ لهبها، وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعاً مثله، وأخرج أحمد ومالك والبخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم قالوا يا رسول الله إن كانت لكافية قال فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها.
وعن أبي هريرة قال أترونها حمراء مثل ناركم هذه التي توقدون، إنها لأشد سواداً من القار، والآية دلت على أنها مخلوقة الآن إذ الإخبار عن إعدادها بلفظ الماضي دليل على وجودها وإلا لزم الكذب في خبر الله تعالى، فما زعمته المعتزلة من أنها تخلق يوم الجزاء مردود، وتأويلهم بأنه يعبر عن المستقبل بالماضي لتحقق الوقوع ومثله كثير في القرآن مدفوع بأنه خلاف الظاهر، ولا يصار إليه إلا بقرينة، والأحاديث الصحيحة المتقدمة تدفعه.
{"ayah":"فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُوا۟ وَلَن تَفۡعَلُوا۟ فَٱتَّقُوا۟ ٱلنَّارَ ٱلَّتِی وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق