(رب السماوات والأرض) أي خالقهما (و) خالق (ما بينهما) ومالكهما ومالك ما بينهما ومن كان هكذا فالنسيان محال عليه. وكيف يتصور أن يحوم حول ساحته الغفلة؟ وفيه دليل على أن فعل العبد خلق الله لأنه حاصل بين السماوات والأرض، ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعبادته، والصبر عليها فقال:
(فاعبده واصطبر لعبادته) الفاء للسببية لأن كونه لا ينساك، وكونه رب العالمين، سبب موجب لأن يعبد، وعدى فعل الصبر باللام دون على التي يتعدى بها لتضمنه معنى الثبات (هل تعلم له سمياً؟) الاستفهام للإنكار، والمعنى أنه ليس له مثل ولا نظير حتى يشاركه في العبادة فيلزم من ذلك أن تكون غير خالصة له سبحانه، فلما انتفى المشارك استحق الله سبحانه أن يفرد بالعبادة وتخلص له هذا مبني على أن المراد بالسَّمِيِّ، هو الشريك في المسمى.
وقيل المراد به الشريك في الاسم، كما هو الظاهر من لغة العرب فقيل المعنى أنه لم يسم شيء من الأصنام ولا غيرها بالله قط يعني بعد دخول الألف واللام التي عوضت عن الهمزة ولزمت أو برب السماوات والأرض. وإليه نحا أبو السعود. والجملة تأكيد لما أفادته الفاء من علية ربوبيته العامة لوجوب تخصيص العبادة به تعالى.
قال الزجاج: تأويله والله أعلم هل تعلم له سمياً يستحق أن يقال له خالق وقادر وعالم بما كان وبما يكون؟ وعلى هذا لا سَمِيّ لله في جميع أسمائه لأن غيره وأن سمي بشيء من أسمائه فلله سبحانه حقيقة ذاك الوصف. والمراد بنفي العلم المستفاد من الإنكار هنا نفي المعلوم على أبلغ وجه وأكمله. وقال ابن عباس: هل تعلم؟ أي تعرف للرب شبهاً أو مثلاً، ليس أحد يسمي الرحمن غيره، وعنه قال: يا محمد هل تعلم لإلهك من ولد؟.
{"ayah":"رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَـٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِیࣰّا"}