الباحث القرآني
(ولا تقف ما ليس لك به علم) أي لا تتبع ما لا تعلم، وهو مأخوذ من قولك قفوت فلاناً إذا اتبعت أثره، ومنه قافية الشعر لأنها تقفو كل بيت، ومنه القبيلة المشهورة بالقافة لأنهم يتبعون آثار أقدام الناس. وحكى ابن جرير عن فرقة أنها قالت: قفى وقاف مثل عثى وعاث.
وقال منذر بن سعيد البلوطي: قفى وقاف مثل جذب وجبذ، وقيل مجزوم بحذف الواو من بأبي عدا وسما، أي لا تقل رأيت ولم تر، وسمعت ولم تسمع، وعلمت ولم تعلم.
ومعنى الآية النهي عن أن يقول الإنسان ما لا يعلمه أو يعمل بما لا علم له. وهذه قضية كلية وقد جعلها جماعة من المفسرين خاصة بأمور، فقال ابن عباس: لا تذم أحداً بما ليس لك به علم. وقيل هي في شهادة الزور، قاله محمد بن الحنفية وقيل هي في القذف.
وقال القتيبي: معنى الآية لا تتبع الحدس والظنون، وهذا صواب فإن ما عدا ذلك هو العلم. وقيل المراد بالعلم هنا هو الاعتقاد الراجح المستفاد من مستند قطعياً كان أو ظنياً. قال أبو السعود في تفسيره: واستعماله بهذا المعنى مما لا ينكر شيوعه.
وأقول أن هذه الآية دلت على عدم جواز العمل بما ليس بعلم، ولكنها عامة مخصصة بالأدلة الواردة بجواز العمل بالظن كالعمل بالعام وبخبر الواحد والعمل بالشهادة والاجتهاد في القبلة وفي جزاء الصيد ونحو ذلك فلا يخرج من عمومها ومن عموم أن الظن لا يغني من الحق شيئاً إلا ما قام دليل جواز العمل به.
فالعمل بالرأي في مسائل الشرع إن كان لعدم وجود الدليل في الكتاب والسنة فقد رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله لمعاذ لما بعثه قاضياً " بم تقضي؟ " قال: بكتاب الله، قال: " فإن لم تجد؟ " قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي [[الإمام أحمد 5/ 236 - /242.]]، وهو حديث صالح للاحتجاج به، كما أوضح الشوكاني ذلك في بحث مفرد.
وأما التوثب على الرأي مع وجود الدليل في الكتاب أو السنة ولكنه قصر صاحب الرأي عن البحث فجاء برأيه فهو داخل تحت هذا النهي دخولاً أولياً لأنه محض رأي في شرع الله، وللناس عنه غنى بكتاب الله سبحانه وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم تدع إليه حاجة، على أن الترخيص في الرأي عند عدم وجود الدليل إنما هو رخصة للمجتهد يجوز له أن يعمل به، ولم يدل دليل على أنه يجوز لغيره العمل به وينزل منزلة مسائل الشرع.
وبهذا يتضح لك أتم اتضاح ويظهر لك أكمل ظهور أن هذه الآراء المدونة في الكتب الفروعية ليست من الشرع في شيء والعامل بها على شفا جرف هار، فالمجتهد المستكثر من الرأي قد قفا ما ليس له به علم، والمقلد المسكين العامل برأي ذلك المجتهد قد عمل بما ليس له به علم ولا لمن قلده، ظلمات بعضها فوق بعض وقد قيل أن هذه الآية خاصة بالعقائد ولا دليل على ذلك أصلاً.
ثم علل سبحانه النهي عن العمل بما ليس بعلم بقوله (إن السمع والبصر والفؤاد) أي القلب (كل أولئك) أي كل واحد من الحواس الثلاثة وأجريت مجرى العقلاء لما كانت مسؤولة عن أحوالها شاهدة على أصحابها.
وقال الزجاج: أن العرب تعبر عما لا يعقل وعما يعقل بأولئك والضمير في (كان) يرجع إلى كل وكذا الضمير في (عنه) وقيل الضمير في كان يعود إلى القافي المدلول عليه بقوله لا تقف وقوله عنه في محل رفع لإسناد (مسؤولاً) إليه ورد بما حكاه النحاس من الإجماع على عدم جواز تقديم القائم مقام الفاعل إذا كان جاراً ومجروراً.
قيل والأولى أن يقال أنه فاعل مسؤول المحذوف والمذكور مفسر له ومعنى سؤال هذه الجوارح أنه يسأل صاحبها عما استعملها فيه لأنها آلات والمستعمل لها هو الروح الإنساني فإن استعملها في الخير استحق الثواب وأن استعملها في الشر استحق العقاب وهو اختيار الزمخشري، وقيل أن الله سبحانه يُنطق الأعضاء هذه عند سؤالها فتخبر عما فعله صاحبها وعليه جرى القاضي فتسأل توبيخاً لأصحابها وهذا أبلغ مما قبله. وفي الآية دليل على أن العبد مؤاخذ بعزمه على المعصية.
{"ayah":"وَلَا تَقۡفُ مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق