الباحث القرآني

(قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) ومعناه أنهما مستويان في جواز الإطلاق وحسن الدعاء بهما ولهذا قال (أياً ما تدعوا) أصل الكلام أيا ما تدعوا فهو حسن فوضع موضعه قوله (فله الأسماء الحسنى) للمبالغة وللدلالة على أنه إذا حسنت أسماؤه كلها حسن هذان الاسمان، ومعنى حسن الأسماء استقلالها بنعوت الجلال والإكرام ذكر معنى هذا النيسابوري وتبعه أبو السعود. قال الزجاج: أعلمهم الله أن دعاءهم الله ودعاءهم الرحمن يرجعان إلى قول واحد وسيأتي ذكر سبب نزول الآية وبه يتضح المراد منها، والحسنى مؤنث الأحسن الذي هو أفعل تفضيل لا مؤنث أحسن المقابل لامرأة حسناء كما في القاموس، عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة ذات يوم فقال في دعائه: " يا الله يا رحمن " فقال المشركون: انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين فأنزل الله هذه الآية. وعن إبراهيم النخعي قال: أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرحمن وكان لهم كاهن باليمامة يسمون الرحمن فنزلت الآية وهو مرسل وعن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتهجد بمكة ذات ليلة يقول في سجوده: يا رحمن يا رحيم فسمعه رجل من المشركين فلما أصبح قال لأصحابه: أن ابن أبي كبشة يدعو الرحمن الذي باليمن وكان رجل باليمن يقال له رحمن فنزلت. ثم ذكر كيفية أخرى للدعاء فقال (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) أي بقراءة صلاتك على حذف المضاف للعلم بأن الجهر والمخافتة من نعوت الصوت لا من نعوت أفعال الصلاة فهو من إطلاق الكل وإرادة الجزء يقال خفت صوته خفوتاً إذا انقطع كلامه وضعف وسكن وخفت الزرع إذا ذبل وخافت الرجل بقراءته إذا لم يرفع بها صوته. وقيل معناه لا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بها كلها والأول أولى، أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس قال: نزلت يعني هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (ولا تجهر بصلاتك) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن (ولا تخافت بها) عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوا عنك الحديث [[مسلم 446 - البخاري 2020.]]. وعن محمد بن سيرين قال: نبئت أن أبا بكر كان إذا قرأ خفض وكان عمر إذا قرأ جهر فقيل لأبي بكر لمَ تصنع هذا فقال: أنا أناجي ربي وقد عرف حاجتي وقيل لعمر لمَ تصنع هذا قال: أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان فلما نزل (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت) قيل لأبي بكر أرفع شيئاً، وقيل لعمر اخفض شيئاً، وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة قالت: إنما نزلت هذه الآية في الدعاء وعنها أنها نزلت في التشهد. (وابتغ بين ذلك) أي الجهر والمخافتة المدلول عليهما بالفعلين (سبيلاً) أي طريقاً متوسطاً بين الأمرين فلا تكن مجاهراً ولا مخافتاً بها وعلى التفسير الثاني يكون معنى ذلك النهي عن الجهر بقراءة الصلوات كلها والنهي عن المخافتة بقراءة الصلوات كلها والأمر بجعل بعض منها مجهوراً به وهو صلاة الليل والمخافتة بصلاة النهار وذهب قوم إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية). ولما أمر أن لا يذكر ولا ينادي إلا بالأسماء الحسنى نبه على كيفية الحمد فقال
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب