الباحث القرآني
(من كفر بالله من بعد إيمانه) أي تلفظ وتكلم بالكفر أو فعل فعل كفر سواء كان مختاراً في ذلك أو مكرهاً عليه فالاستثناء في قوله (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) متصل.
وقال القرطبي: أجمع المفسرون وأهل العلم على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا تبين منه زوجته ولا يحكم عليه بحكم الكفر.
وحكى عن محمد بن الحسن أنه إذا أظهر الكفر كان مرتداً في الظاهر وفيما بينه وبين الله على الإسلام وتبين منه امرأته ولا يصلى عليه إن مات ولا يرث أباه إن مات مسلماً، وهذا القول مردود على قائله مدفوع بالكتاب والسنة.
وذهب الحسن البصري والأوزاعي والشافعي وسحنون إلى أن هذه الرخصة إنما جاءت في القول وأما في الفعل فلا رخصة مثل أن يكره على السجود لغير الله، ويدفعه ظاهر الآية فإنها عامة فيمن أكره من غير فرق بين القول والفعل كما تقدم، والمعنى إلا من كفر بإكراه والحال أن قلبه مطمئن بالإيمان لم تتغير عقيدته.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى المدينة قال لأصحابه: " تفرقوا عني فمن كانت به قوة فليتأخر إلى آخر الليل ومن لم تكن به قوة فليذهب أول الليل فإذا سمعتم بي قد استقرت لي الأرض فالحقوا بي ".
فأصبح بلال المؤذن وخباب وعمار وجارية من قريش كانت أسلمت فأخذهم المشركون وأبو جهل فعرضوا على بلال أن يكفر فأبى فجعلوا يضعون درعاً من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه فإذا ألبسوه إياه قال أحد أحد، وأما خباب فجعلوا يجرونه في الشوك، وأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقية، وأما الجارية فوتد لها أبو جهل أربعة أوتاد ثم مدها فأدخل الحربة في قلبها حتى قتلها، ثم خلوا عن بلال وخباب وعمار فلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بأمرهم، واشتد على عمار الذي كان تكلم به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كيف كان قلبك حين قلت، أكان منشرحا بالذي قلت أم لا؟ " قال: لا. فأنزل الله (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) وقيل نزلت في أناس من أهل مكة.
وقيل نزلت في جبر مولى عامر بن الحضرمي أكرهه سيده على الكفر، والأول أولى، والحق أن الآية عامة في كل من أكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان وإن كان السبب خاصاً، وفيه دليل على أن محل الإيمان هو القلب.
(ولكن) الاستدراك واضح لأن قوله إلا من أكره قد يسبق الوهم إلى الاستثناء مطلقاً فاستدرك هذا، وقوله (مطمئن) لا ينفي ذلك الوهم (من) موصولة أو شرطية والأول أولى.
(شرح بالكفر صدراً) أي اختاره ورضي به وطابت به نفسه (فعليهم) فيه مراعاة معنى (من) ولو راعى لفظها لأفرد وقال فعليه (غضب من الله ولهم عذاب عظيم) في الآخرة.
عن ابن عباس قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير فتركوه، فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما وراءك؟ " قال: شر، ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، قال: " كيف تجد قلبك؟ " قال: مطمئناً بالإيمان، قال " إن عادوا فعد "، فنزلت (إلا من أكره) الخ. قال: فذاك عمار بن ياسر، ولكن من شرح بالكفر صدراً عبد الله بن أبي سرح [[المستدرك، كتاب التفسير 2/ 357.]]، أخرجه البيهقي والحاكم وصححه، وفي الباب روايات مصرحة بأنها نزلت فيه.
وعن محمد بن سيرين قال: نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة وعن ابن عباس قال: هو عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم فتح مكة، فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره النبي صلى الله عليه وسلم. وعن الحسن وعكرمة مثله، وليس بعد هذا الوعيد العظيم وهو الجمع للمرتدين بين غضب الله وعظيم عذابه وعيد.
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)
{"ayah":"مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِهِۦۤ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّۢ بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرࣰا فَعَلَیۡهِمۡ غَضَبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق