(ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن) أي ما نكتمه وما نظهره، لأن الظاهر والمضمر بالنسبة إليه سبحانه سيان لا تفاوت فيهما، قيل والمراد هنا بما نخفي ما يقابل ما نعلن فالمعنى ما نظهره وما لا نظهره، وقدم الإخفاء على الإعلان للدلالة على أنهما مستويان في علم الله سبحانه، وظاهر النظم القرآني عموم كل ما يظهره وما لا يظهره من غير تقييد بشيء معين من ذلك.
وقيل المراد ما يخفيه إبراهيم من وجده بإسماعيل وأمه حيث أسكنهما بواد غير ذي زرع، وما يعلنه من ذلك، وقيل ما يخفيه إبراهيم من الوجد ويعلنه من البكاء والدعاء والمجيء بضمير الجماعة يشعر بأن إبراهيم لم يرد نفسه فقط بل أراد جميع العباد، فكان المعنى أن الله سبحانه يعلم بكل ما يظهره العباد وبكل ما لا يظهرونه.
(وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء) قال جمهور المفسرين هو من كلام الله سبحانه تصديقاً لما قاله إبراهيم من أنه سبحانه يعلم بما يخفيه العباد وما يعلنونه، فقال سبحانه ما يخفى عليه شيء من الأشياء الموجودة كائناً ما كان، وإنما ذكر السماوات والأرض لأنهما المشاهدتان للعباد، وإلا فعلمه سبحانه محيط بكل ما هو داخل في العالم وكل ما هو خارج عنه لا تخفى عليه خافية قيل ويحتمل أن يكون هذا من قول إبراهيم تحقيقاً لقوله الأول وتعميماً بعد التخصيص، فإن قيل بالأول فهو اعتراض بين كلامي إبراهيم، وإن قيل بالثاني ففيه وضع الظاهر موضع المضمر.
ثم حمد الله سبحانه على بعض نعمه الواصلة إليه فقال
{"ayah":"رَبَّنَاۤ إِنَّكَ تَعۡلَمُ مَا نُخۡفِی وَمَا نُعۡلِنُۗ وَمَا یَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِن شَیۡءࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ"}