الباحث القرآني

(يثبت الله) راجع للمثل الأول (الذين آمنوا بالقول الثابت) أي بالحجة الواضحة عندهم وهي الكلمة الطيبة المتقدم ذكرها، وقد ثبت في الصحيح أنها كلمة الشهادة يقولها المؤمن إذا قعد في قبره قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " فذلك قوله تعالى يثبت الله " الآية [[النسائي كتاب الجنائز باب 114.]] وقيل معنى تثبيت الله لهم هو أن يدوموا عليه (في الحياة الدنيا) ويستمروا حتى إذا فتنوا في دينهم لم يزالوا كما ثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود وغير ذلك. (وفي الآخرة) أي في القبر بتلقين الجواب وتمكين الصواب، قاله الجمهور وقيل يوم القيامة عند البعث والحساب، وقيل المراد بالحياة الدنيا وقت المسألة في القبر وفي الآخرة وقت المسألة يوم القيامة والمراد أنهم إذا سئلوا عن معتقدهم ودينهم أوضحوا ذلك بالقول الثابت من دون تلعثم [[التلعثم، التوقف أهـ، قاموس أهـ منه.]] ولا تردد ولا جهل، كما يقول من لم يوفق لا أدري فيقال له لا دريت ولا تليت. وأخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله " فذلك قوله (يثبت الله الذين آمنوا) الآية [[مسلم 2871 - البخاري 725.]]، وعن البراء قال " إذا جاء الملكان إلى الرجل في القبر فقالا من ربك فقال ربي الله، وقالا وما دينك قال ديني الإسلام، وقالا من نبيك قال نبي محمد صلى الله عليه وسلم فذلك التثبيت في الحياة الدنيا " [[أبو داود كتاب السنة باب 24 - الترمذي تفسير سورة 14.]] وعن ابن عباس نحوه، وعن أبي سعيد قال في الآخرة القبر، وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " هذا في القبر ". وأخرج البزار عنها أيضا قالت: قلت يا رسول الله تبتلى هذه الأمة في قبورها فكيف بي وأنا امرأة ضعيفة؟ قال (يثبت الله الذين آمنوا) الآية. وعن عثمان بن عفان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال " استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل " [[أبو داود كتاب الجنائز الباب 69.]] أخرجه أبو داود، وقد وردت أحاديث كثيرة في سؤال الملائكة للميت في قبره وفي جوابه عليهم وفي عذاب القبر وفتنته، وليس هذا موضع بسطها وهي معروفة، نسأل الله التثبيت في القبر وحسن الجواب وتسهيله بفضله إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير. (ويضل الله الظالمين) راجع للمثل الثاني، أي يضلهم عن حجتهم التي هي القول الثابت فلا يقدرون على التكلم في قبورهم ولا عند الحساب، كما أضلهم عن اتباع الحق في الدنيا، قيل والمراد بالظالمين هنا الكفرة، وقيل كل من ظلم نفسه ولو بمجرد الإعراض عن البينات الواضحة فإنه لا يثبت في مواقف الفتن ولا يهتدي إلى الحق. (ويفعل الله ما يشاء) من التثبيت للمؤمنين والخذلان للظالمين لا راد لحكمه ولا اعتراض عليه. قال الفراء: أي لا تنكر له قدرة ولا يسأل عما يفعل والإظهار في محل الإضمار في الموضعين لتربية المهابة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب