الباحث القرآني
وقوله: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا﴾ يعنى النبىّ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم، والمشركين يوم بدر.
﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ﴾ قرئت بالرفع؛ وهو وجه الكلام على معنى: إحداهما تقاتل فى سبيل الله ﴿وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ﴾ على الاستئناف؛ كما قال الشاعر: فكنتُ كذِى رِجْلينِ رجلٌ صحيحةٌ * ورِجْلٌ رمَى فيها الزّمان فشَلّتِ ولو خفضت لكان جيدا: تردّه على الخفض الأوّل؛ كأنك قلت: كذى رجلين: كذى رجلٍ صحيحةٍ ورجلٍ سقيمةٍ. وكذلك يجوز خفض الفئة والأخرى على أوّل الكلام.
ولو قلت: "فئةً تقاتل فى سبيل الله أخرى كافرةً" كان صوابا على قولك: التقتا مختلفتين. وقال الشاعر فى مثل ذلك مما يستأنف: إذ مُِتُّ كان الناس نصفين شامتٌ * وآخَرُ مُثْنٍ بالذى كنت أفعل ابتدأ الكلام بعد النصفين ففسَّره. وأراد: بعضٌ شامتٌ وبعض غيرُ شامت.
والنصب فيهما جائز، يردّهما على النصفين. وقال الآخر: حتى إذا ما استقلّ النجمُ فى غَلَس * وغودِر البقلُ ملْوِىٌّ ومحصود ففسر بعض البقل كذا، وبعضه كذا. والنصب جائز.
وكل فعل أوقعته على أسماء لها أفاعيل ينصب على الحال الذى ليس بشرط ففيه الرفع على الابتداء، والنصب على الاتصال بما قبله؛ من ذلك: رأيت القوم قائما وقاعدا، وقائم وقاعد؛ لأنك نويت بالنصب القطع، والاستئناف فى القطع حسن.
وهو أيضا فيما ينصب بالفعل جائز؛ فتقول: أظنّ القوم قياما وقعودا، وقيام وقعود، وكان القوم بتلك المنزلة. وكذلك رأيت القوم فى الدار قياما وقعودا، وقيامٌ وقعود، وقائما وقاعدا، وقائم وقاعد؛ فتفسّره بالواحد والجمع؛ قال الشاعر: وكتيبةٍ شَعْواء ذات أشِلّة * فيها الفوارس حاسر ومقنَّع فإذا نصبت على الحال لم يجز أن تفسّر الجمع بالاثنين، ولكن تجمع فتقول: فيها القوم قياما وقعودا.
وأمّا الذى على الشرط مما لا يجوز رفعه فقوله: اضرب أخاك ظالما أو مسيئا، تريد: اضربه فى ظلمه وفى إساءته. ولا يجوز هاهنا الرفع فى حاليه؛ لأنهما متعلقتان بالشرط. وكذلك الجمع؛ تقول: ضربت القوم مجرَّدين أو لا بسين ولا يجوز: مجردون ولا لابسون؛ إلا أن تستأنف فتخبر، وليس بشرط للفعل؛ ألا ترى أنك لو أمرت بضربهم فى هاتين الحالين لم يكن فعلهم إلا نصبا؛ فتقول: اضرب القوم مجرّدين أو لا بسين؛ لأن الشرط فى الأمر لازم. وفيما قد مضى يجوز أن تجعله خبرا وشرطا. فلذلك جاز الوجهان فى الماضى.
وقوله: ﴿يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ﴾ زعم بعض مَن رَوَى عن ابن عبَّاس أنه قال: رأى المسلمون المشركين فى الحَزْر ستمائة وكان المشركون تسعمائة وخمسين، فهذا وجه. ورُوى قول آخر كأنه أشبه بالصواب: أن المسلمين رأوا المشركين على تسعمائة وخمسين والمسلمون قليل ثلثمائة وأربعة عشر، فلذلك قال: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ﴾ يعنى اليهود "آيةٌ" فى قلّة المسلمين وكثرة المشركين.
فإن قلت: فكيف جاز أن يقال "مِثْلَيْهِمْ" يريد ثلاثة أمثالهم؟ قلت: كما تقول وعندك عبد: أحتاج إلى مثله، فأنت محتاج إليه وإلى مثله، وتقول: أحتاج إلى مِثلَىْ عبدى، فأنت إلى ثلاثة محتاج. ويقول الرجل: معى ألف وأحتاج إلى مثليه، فهو يحتاج إلى ثلاثة. فلمّا نوى أن يكون الأَلْف داخلا فى معنى المِثل صار المثل اثنين والمثلان ثلاثة. ومثله فى الكلام أن تقول: أراكم مثلكم، كأنك قلت: أراكم ضعفكم، وأراكم مثليكم يريد ضعفيكم، فهذا على معنى الثلاثة.
فإن قلت: فقد قال فى سورة الأنفال: ﴿وإِذْ يُرِيكُموهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِى أَعْيُنِكُمْ قلِيلاً وَيُقَلّلُكُمْ فى أَعينِهِم﴾ فكيف كان هذا ها هنا تقليلا، وفى الآية الأولى تكثيرا؟ قلت: هذه آية المسلمين أخبرهم بها، وتلك الآية لأهل الكفر. مع أنك تقول فى الكلام: إنى لأرى كثيركم قليلا، أى قد هُوّن علىّ، لا أنى أرى الثلاثة اثنين.
ومن قرأ (تَرَوْنَهم) ذهب إلى اليهود لأنه خاطبهم، ومن قال (يَرَوْنهم) فعلى ذلك؛ كما قال: ﴿حتى إِذا كُنْتُمْ فِى الفُلْك وَجَرَيْنَ بِهِم﴾ وإن شئت جعلت (يَرَوْنَهم) للمسلمين دون اليهود.
{"ayah":"قَدۡ كَانَ لَكُمۡ ءَایَةࣱ فِی فِئَتَیۡنِ ٱلۡتَقَتَاۖ فِئَةࣱ تُقَـٰتِلُ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَأُخۡرَىٰ كَافِرَةࣱ یَرَوۡنَهُم مِّثۡلَیۡهِمۡ رَأۡیَ ٱلۡعَیۡنِۚ وَٱللَّهُ یُؤَیِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَعِبۡرَةࣰ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَبۡصَـٰرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق