الباحث القرآني
وقوله: ﴿لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ يقول القائل: كيف استثنى الذين ظَلَموا فى هذا الموضع؟ ولعلهم توهَّموا أن ما بعد إلاّ يخالف ما قبلها؛ فإن كان ما قبل إلاّ فاعلا كان الذى بعدها خارجا من الفعل الذى ذُكر، وإن كان قد نفى عما قبلها الفعل ثبت لما بعد إلا؛ كما تقول: ذهب الناس إلاّ زيدا، فزيد خارج من الذهاب، ولم يذهب الناس إلا زيد، فزيد ذاهب، والذهاب مثبَت لزيد.
فقوله ﴿إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ [معناه: إلا الذين ظلموا منهم]، فلا حجَّة لهم ﴿فلا تَخْشَوْهُمْ﴾ وهو كما تقول فى الكلام: الناسُ كلّهم [لك] حامدون إلا الظالم لك المعتدِىَ عليك، فإن ذلك لا يعتدّ بعداوته ولا بتركه الحمد لموضع العداوة.
وكذلك الظالم لا حجَّة له. وقد سُمِّى ظالما.
وقد قال بعض النحويين: إلا فى هذا الموضع بمنزلة الواو؛ كأنه قال: ﴿لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ﴾ ولا للذين ظلموا. فهذا صواب فى التفسير، خطأ فى العربية؛ إنما تكون إلا بمنزلة الواو إذا عطفتها على استثناء قبلها، فهنالك تصير بمنزلة الواو؛ كقولك: لى على فلان ألْف إلا عشرة إلا مائة، تريد بـ (إلاّ) الثانية أن ترجع على الألْف، كأنك أغفلت المائة فاستدركتها فقلت:اللهمّ إلا مائة. فالمعنى له علىّ ألف ومائة، وأن تقول: ذهب الناس إلا أخاك، اللهمّ إلا أباك. فتستثنى الثانى، تريد: إلا أباك وإلا أخاك؛ كما قال الشاعر: ما بالمدينةِ دار غيرُ واحدةٍ * دارُ الخليفة إلا دارُ مَروْانا كأنه أراد: ما بالمدينة دار إلا دار الخليفة ودار مروان.
وقوله: ﴿وَٱخْشَوْنِي﴾ اثبتت فيها الياء ولم تثبت فى غيرها، وكلّ ذلك صواب، وإنما استجازوا حذف الياء لأن كسرة النون تدلّ عليها، وليست تَهَيَّبُ العرب حذف الياء من آخر الكلام إذا كان ما قبلها مكسورا، من ذلك "رَبِّى أَكْرَمَنِ - و - أَهانَنِ" فى سورة "الفجر" وقوله: ﴿أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ﴾ ومن غير النون "المُناد" و"الداع" وهو كثير، يكتفى من الياء بكسرة ما قبلها، ومن الواو بضمّة ما قبلها؛ مثل قوله: ﴿سَنَدْعُ الزَّبانيةَ - وَيدْعُ الإنْسانُ﴾ وما أشبهه، وقد تُسقط العرب الواو وهى واو جَماع، اكتُفِى بالضمَّة قبلها فقالوا فى ضربوا: قد ضَرَبُ، وفى قالوا: قد قالُ ذلك، وهى فى هوازن وعُلْيا قيس؛ أنشدنى بعضهم : إذا ما شاءُ ضرُّوا من أرادوا * ولا يألو لهم أحد ضرارا وأنشدنى الكسائى: متى تقول خَلَتْ من أهلِها الدارُ * كأنهم بجناحى طائر طاروا وأنشدنى بعضهم: فلو أَن الأطبّا كانُ عِندِى * وكان مع الأَطِباءِ الأسَاة وتفعل ذلك فى ياء التأنيث؛ كقول عنترة: إن العدوّ لهم إِليك وسِيلة * إِن يأْخذوكِ تكحَّلِى وتَخَضَّبِ يحذفون (ياء التأنيث) وهى دليل على الأنثى اكتفاء بالكسرة.
وقوله: ﴿كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ﴾ جواب لقوله: ﴿فاذْكُرونِى أَذْكُرْكُمْ﴾: كما أرسلنا، فهذ جواب (مقدّم ومؤخَّر).
وفيها وجه آخر: تجعلها من صِلَة ما قبلها لقوله: ﴿أذكركم﴾ ألا ترى أنه قد جعل لقوله: ﴿اذكرونى﴾ جوابا مجزوما، (فكان فى ذلك دليل) على أن الكاف التى فى (كما) لِمَا قبلها؛ لأنك تقول فى الكلام : كما أحسنتُ فأَحسِن. ولا تحتاج إلى أن تشترط لـ (أحسن)؛ لأن الكاف شرط، معناه افعل كما فعلت. وهو فى العربية أنفذ من الوجه الأوّل مما جاء به التفسير؛ وهو صواب بمنزلة جزاء يكون له جوابان؛ مثل قولك: إذا أتاك فلان فأتِه تُرْضِهِ. فقد صارت (فأتِه) و (ترضه) جوابين.
{"ayahs_start":150,"ayahs":["وَمِنۡ حَیۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَیۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَیۡكُمۡ حُجَّةٌ إِلَّا ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ مِنۡهُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِی وَلِأُتِمَّ نِعۡمَتِی عَلَیۡكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ","كَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا فِیكُمۡ رَسُولࣰا مِّنكُمۡ یَتۡلُوا۟ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِنَا وَیُزَكِّیكُمۡ وَیُعَلِّمُكُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَیُعَلِّمُكُم مَّا لَمۡ تَكُونُوا۟ تَعۡلَمُونَ"],"ayah":"وَمِنۡ حَیۡثُ خَرَجۡتَ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَیۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَیۡكُمۡ حُجَّةٌ إِلَّا ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ مِنۡهُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِی وَلِأُتِمَّ نِعۡمَتِی عَلَیۡكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق