وقوله: ﴿نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ العرب تقول لكلّ مَا كان من بطون الأنعام ومنَ السَّماء أو نهر يجرى لقوم: أسْقَيت. فإذا سقَاك الرَّجل ماء لشَفَتك قالوا: سقَاه. ولم يقولوا: أسْقَاه؛ كما قال الله عَزّ وجّل ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً﴾ وقال ﴿وَالّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ﴾ وربما قالوا لما فى بطون الأنعام ولماء السّماء سَقى وأسْقى، كما قال لَبِيد: سَقَى قومى بنى مَجْد وأسقى * نُمَيرَا والقبائلَ من هلال رَعَوه مُربِعاً وتَصيّفوه * بلا وَبَأٍ سُمَىَّ ولا وَبَالِ وقد اختلف القُراء فقرأ بعضهم ﴿نَسْقِيكم﴾ وبعضهم ﴿نُسْقِيكم﴾.
وَأمَّا قوله ﴿مِّمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ ولم يقل بطونها فإنه قيل - والله أعلم - إن النَّعَمَ والأَنعام شىء واحد، وهما جمعان، فرجع التذكير إلى معنى النَّعَم إذا كان يؤدى عن الأنعام أنشدنى بعضهم: إذا رأيتَ أنجما من الأَسد * جَبْهته أو الخرَاة والكَتَدْ بال سُهَيل فى الفضِيح. ففسد * وطاب أَلْبانُ الِّلقَاح وبَردْ
فرجع إلى اللبن لأن اللبن والألبان يكون فى معنَى واحد. وقال الكسائى (نُسْقِيكم مِمَّا بُطُونِهِ): بطون ما ذكرناه، وهو صواب، أنشدنى بعضهم: * مثل الفراخ نَتَقَتْ حواصلهْ * وقال الآخر: * كذاك ابنةَ الأَعيار خافى بسالة الرجال وأصلال الرجال أقاصرُهْ * ولم يقل أقاصرهم. أصلال الرجال: الأقوياء منهم.
وقوله ﴿سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ﴾ يقول: لا يشرَق باللبن ولا يُغَصّ به.
{"ayah":"وَإِنَّ لَكُمۡ فِی ٱلۡأَنۡعَـٰمِ لَعِبۡرَةࣰۖ نُّسۡقِیكُم مِّمَّا فِی بُطُونِهِۦ مِنۢ بَیۡنِ فَرۡثࣲ وَدَمࣲ لَّبَنًا خَالِصࣰا سَاۤىِٕغࣰا لِّلشَّـٰرِبِینَ"}