قوله تعالى: ﴿والّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيءٍ حتَّى يُهَاجِرُوا﴾:
أوجبت هذه الآيةُ في ظاهرها أنّ (من) هاجر إليهم من المؤمنين حصلت له ولايتهم في الميراث؛ لقرابتِه وهجرتِه، ولا يرثُ بالقرابةِ إذا لم يهاجر.
قال قتادة: نسخَ ذلك قولُه: ﴿وأُولُوا الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعضٍ﴾ [الأنفال: 75] قال: كان المسلمون يتوارثون بالهجرة، فكان الرَّجُلُ إذا أسلم ولم يهاجر لم يرث أخاه المسلمَ المهاجرَ، ولا يرث المسلمُ المهاجرُ أخاه المسلم الذي لم يهاجر، فنسخَ ذلك بالآية المذكورة لمَّا انقضت الهجرةُ (وتوارثوا بالنَّسب حيث) كانوا بعد الفتح - وهو مروي عن ابن عباس -.
وقال ابن عباس: آخى النبي - عليه السلام - بين أصحابه فكانوا يتوارثون بذلك، حتى (نزل قولُه) ﴿وَأُولُوا الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِى كِتَابِ الله﴾ [الأنفال: 75] - الآية - فتوارثوا بالنَّسَب.
قال عكرمةُ: أقام الناسُ برهةً لا يرثُ الأعرابيُّ المهاجرَ من عصبته، ولا المهاجرُ الأعرابيَّ، حتى (نزل قولُه): ﴿وَأُولُوا الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ - الآية -.
قال أبو محمد: فَذِكْرُ هذه الآية - على قول قتادة - في الناسخ والمنسوخ حَسَنٌ؛ لأنه قرآنٌ نسخَ قرآناً، وذكرها - (على الأقوال الأُخَر) - لا يلزم؛ لأنها لم تنسخ قرآناً؛ إنما نسخَتْ أَمراً كانوا عليه.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَهَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِینَ ءَاوَوا۟ وَّنَصَرُوۤا۟ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یُهَاجِرُوا۟ مَا لَكُم مِّن وَلَـٰیَتِهِم مِّن شَیۡءٍ حَتَّىٰ یُهَاجِرُوا۟ۚ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ فَعَلَیۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۭ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُم مِّیثَـٰقࣱۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ"}