قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَاجَيْتُم الرَّسُولَ، فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَي نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾. املاية:
أكثرُ الناس على أن هذا منسوخٌ بقوله: ﴿أأشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا﴾ [المجادلة: 13] - الآية -، وهذا مما نُسِخَ قبلَ العمل به.
وقيل: إن علياً - رضي الله عنه - عَمِلَ به، ورَوى ليثٌ عن مجاهد قال: قال عليّ - رضي الله عنه -: "إنَّ في كتاب الله لآيةً ما عمل بها أحدٌ (قبلي ولا يعملُ بها أحدٌ) بعدي، كان لي دينارٌ فصرفته فكنت إذا (ناجيتُ) رَسولَ الله ﷺ تَصَدَّقْتُ بدرهم، حنى نفد، ثم نُسِخَت"، [وفي] هذا الحديث: أن الصَّدَقةَ إنما كانت تكون بعدَ المناجاة.
قال ابن حبيب: كان رسولُ الله ﷺ يؤذَى بكثرةِ النَّجوى، وكان الشيطانُ يُوَسْوِسُ في أصحابِ النبيِّ ﷺ ويقول: نوجي النبيُّ (بأمر) كذا مما يغُمُّ المسلمين ذلك، وهو قولُه تعالى: ﴿إنَّما النَّجْوَى مِن الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [المجادلة: 10]، فأَمَرَ اللهُ أن لا يناجي أَحدٌ النبيَّ ﷺ حتى يُقَدِّمَ صدقةً، فَتَوَقَّفَ الناسُ عن النجوى، ثم شَقَّ ذلك عَليهم، فَنَسَخَه الله بقوله: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَي نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ﴾ [المجادلة: 13] - الآية - هذا معنى كلامه.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا نَـٰجَیۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةࣰۚ ذَ ٰلِكَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ"}