الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُم حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه﴾:
ثم أباحَ ذلك لمن كان مريضاً، أو به أذىً من رأسِه، وأوجَبَ عليه الفديةَ.
فقال قوم: هذا ناسخٌ للنَّهْيِ عن حَلْقِ الرّأس حتى يبلُغَ الهديُ مَحِلَّه.
(والظَّاهِرُ في هذا البيِّنُ) أنه ليس فيه نَسخٌ، لأَنّه متَّصِلٌ بالأَوّل غيرُ منفصل منه. وإنما يكونُ الناسخُ منفصلاً من المنسوخ. (فهي) أحكامٌ مختلفةٌ في شروطِها متَّصِلٌ بعضُها ببعض لا ينسخُ بعضُها بعضاً.
قوله تعالى: ﴿وأتمّوا الحجَّ والعمرةَ لِلَّه﴾:
أمرَ اللهُ المسلمين بإتمام ما دخلوا فيه وعقدوه على أَنفُسِهِم من حَجٍ أو عمرةٍ.
ولا دليلَ في هذا على فرضِ العُمْرَة إنّما هو أمرٌ بإتمام ما دخلوا فيه من ذلك.
ويبيِّنُ أن العمرة ليست بفرض قراءةُ الشعبي: "والعمرةُ للهِ" - بالرفع - فهذه القراءةُ لا تأويل فيها لفرضِ العمرة. وقوله: ﴿وأتموا الحجَّ﴾ ولم يقل: حجّوا واعتمروا (يدلُّ على أن) ذلك مرادٌ به غيرُ الفرض.
وإنما هو مثلُ قوله: ﴿أوفُوا بِالعُقُود﴾ [المائدة: 1] فمن عقَدَ بِرّاً على نفسِه وجبَ عليه إتمامُه.
وقراءة ابن مسعود: "والعمرة للبيت لله" وعنه: "والعمرة إلى البيت لله". يدل على أن العمرةَ ليست بفرضِ - قرىء بنصب العمرة أو برفعها -.
وكما أن ذِكرَ الحجّ في هذه الآية ليس يوجبُ فرضَ الحج، إنما وجبَ فرض الحجِّ بقوله تعالى: ﴿وللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ﴾ [آل عمران: 97]. كذلك ذِكْرُ العمرَةِ فيها لا يوجب فرضَها. ولا آية أُخرى توجِبُ فرضَ العمرة في القرآن (فبانَ أنّ) العُمْرَةَ ليست بِفَرض. وقد ذكرَ أهلُ المعاني والتفسير أنَّ هذه الآيةَ ناسخةٌ لما رُوِيَ عن النبي ﷺ أنه أمر أصحابَه بعد أن أَحرموا (بالحجِّ) أن يفسخوه في عمرة.
(والآيةُ) محكمةٌ، (تدُلُّ) على أنَّ مَن دخَلَ في طاعة وعقدَها على نفسه أن عليه إتمامَها.
وقد أبى مِن فَسْخِ الحجّ في عُمرة (أبو بكر وعثمان وعلي) - رضي الله عنهم - بحكم ظاهر الآية.
وأجازه ابن عباس لإباحة النبي ﷺ ذلك.
وذهب أبو عبيد: إلى أنَّ فسخَ الحجِّ في عمرة منسوخٌ بفعل الخلفاء الراشدين، يعني الذين ذكرنا. وعلى منعِه أكثرُ العلماء مالكٌ وغيرُه.
وقد قيل: إنه إنما أباح النبيُّ ﷺ ذلك لِعِلَّةٍ، وذلك أنهم كانوا لا يرونَ العُمرةَ في أشهرِ الحج جائزةً، ويرونَه ذنباً، فأَمرَهُم النبيُّ ﷺ بفَسخِ الحجِّ وتحويلِه إلى عُمرة في أشهر الحجّ، ليعلموا أن العمرةَ جائزةٌ في أشهر الحجّ. فَفِعْلُه ذلك كان لِعِلَّةٍ، فبزوال تلك العلة يزولُ الحكمُ. وله نظائرُ في القرآن.
وقيل: إن ذلكَ مخصوصٌ للنبي ﷺ ورُويَ عنه أنه سئل عن ذلك فقال: (إنه) لنا خاصَّة.
(قال أبو محمد): ومعنى فسخ الحجِّ في عُمرة: هو أن يُهِلَّ الرَّجُلُ بالحجّ ولا هَدْيَ معه، فعليه أن يدخلَ مكةَ فيطوفَ ويبقى على إحرامه حتَّى يحجَّ ويقضيَ مناسكَه من الوقوفِ بعرفاتٍ والمزدلفة و (من) رمي الجمارِ وغيرِ ذلك، وهو على إحرامِهِ، ويحلق ويطوفَ طوافَ الإِفاضة، وعليه السَّعْيُ بين الصّفا والمروةِ بعدَ الطَّواف، ويُحِلُّ مِن حجّته بعد ذلك كُلِّه، فهذا لازمٌ له، وبه يُتِمَّ ما عقدَه من الحجّ.
(فإن فسخَ حجَّه في عمرة) - على قول ابن عباس - فإنما عليه أن يَدخلَ مكة ويطوفَ ويسعى ويَحْلِقَ وَيُحِلّ.
فذلك الأولُ عملُ الحج.
وهذا عملُ العمرة.
فإذا (حَلَّ) مِن عمرته التي فسخَ الحجَّ (فيها) ابتدأَ الإِهلالَ بالحجِّ مِن مكة أو من الحِلِّ إن شاء، وبه يتمُّ حَجُّه على ما ذكرنا.
وإن تمادى (في) حَجِّه ولم يفسخْه في عُمرةٍ، وأرادَ العمرةَ، فإنه إذا حَلَّ من حجِّه خرجَ إلى التنعيم (إلى الحِلِّ)، أو إلى الحِلِّ مِن أي ناحيةٍ شاء، فأَحرَم ولبَّى ودخلَ مكةَ فطاف وسعى وحلَق، وحلَّ من عُمرته.
{"ayah":"وَأَتِمُّوا۟ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَیۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡیِۖ وَلَا تَحۡلِقُوا۟ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ یَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡیُ مَحِلَّهُۥۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِیضًا أَوۡ بِهِۦۤ أَذࣰى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡیَةࣱ مِّن صِیَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكࣲۚ فَإِذَاۤ أَمِنتُمۡ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ فَمَا ٱسۡتَیۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡیِۚ فَمَن لَّمۡ یَجِدۡ فَصِیَامُ ثَلَـٰثَةِ أَیَّامࣲ فِی ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةࣱ كَامِلَةࣱۗ ذَ ٰلِكَ لِمَن لَّمۡ یَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِی ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق