الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ﴾ انْقَضَى وَمَضَى ﴿الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾ قِيلَ: هِيَ الْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ: رَجَبٌ، وَذُو الْقِعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ: هِيَ شُهُورُ الْعَهْدِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ: فَأَجَلُهُ إِلَى انْقِضَاءِ الْمُحَرَّمِ خَمْسُونَ يَوْمًا، وَقِيلَ لَهَا "حُرُمٌ" لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَّرَّمَ فِيهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ دِمَاءَ الْمُشْرِكِينَ وَالتَّعَرُّضَ لَهُمْ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا الْقَدْرُ بَعْضُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: "فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ"؟. قِيلَ: لَمَّا كَانَ هَذَا الْقَدَرُ مُتَّصِلًا بِمَا مَضَى أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ، وَمَعْنَاهُ: مَضَتِ الْمُدَّةُ الْمَضْرُوبَةُ الَّتِي يَكُونُ مَعَهَا انْسِلَاخُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، ﴿وَخُذُوهُمْ﴾ وَأْسِرُوهُمْ، ﴿وَاحْصُرُوهُمْ﴾ أَيِ: احْبِسُوهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يُرِيدُ إِنْ تَحَصَّنُوا فَاحْصُرُوهُمْ، أَيِ: امْنَعُوهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ. وَقِيلَ: امْنَعُوهُمْ مِنْ دُخُولِ مَكَّةَ وَالتَّصَرُّفِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ. ﴿وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ أَيْ: عَلَى كُلِّ طَرِيقٍ، وَالْمَرْصَدُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَرْقُبُ فِيهِ الْعَدُوَّ، مِنْ رَصَدْتُ الشَّيْءَ أَرْصُدُهُ: إِذَا تَرَقَّبْتُهُ، يُرِيدُ: كُونُوا لَهُمْ رَصْدًا لِتَأْخُذُوهُمْ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهُوا. وَقِيلَ: اقْعُدُوا لَهُمْ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، حَتَّى لَا يَدْخُلُوهَا. ﴿فَإِنْ تَابُوا﴾ مِنَ الشِّرْكِ، ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ يَقُولُ: دَعُوهُمْ فَلْيَتَصَرَّفُوا فِي أَمْصَارِهِمْ وَيَدْخُلُوا مَكَّةَ، ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ لِمَنْ تَابَ، ﴿رَحِيمٌ﴾ بِهِ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: هَذِهِ الْآيَةُ نَسَخَتْ كُلَّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ فِيهَا ذِكْرُ الْإِعْرَاضِ وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَى الْأَعْدَاءِ [[تقدم في مناسبة سابقة أن بعض العلماء رحمهم الله قد توسع في هذه القضية، فجعل آية السيف ناسخة لكل آية في القرآن فيها أمر بالصبر أو الصفح أو المسالمة، ولا يسلم لهم ذلك فإنه لا تنافي بينها، وهي من "المنسأ" كما يقول الزركشي وغيره، وليست من المنسوخ.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب