الباحث القرآني

﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا﴾ وَاسْمُ كَانَ مُضْمَرٌ، أَيْ: لَوْ كَانَ مَا تَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ عَرَضًا قَرِيبًا، أَيْ: غَنِيمَةً قَرِيبَةَ الْمُتَنَاوَلِ، ﴿وَسَفَرًا قَاصِدًا﴾ أَيْ قَرِيبًا هَيِّنًا، ﴿لَاتَّبَعُوكَ﴾ لَخَرَجُوا مَعَكَ، ﴿وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ﴾ أَيِ: الْمَسَافَةُ، وَالشُّقَّةُ: السَّفَرُ الْبَعِيدُ، لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَى الْإِنْسَانِ. وَقِيلَ: الشُّقَّةُ الْغَايَةُ الَّتِي يَقْصِدُونَهَا، ﴿وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ يَعْنِي بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ فِي أَيْمَانِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَطِيعِينَ. ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ﴾ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: اثْنَانِ فَعَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِهِمَا: إِذْنُهُ لِلْمُنَافِقِينَ، وَأَخْذُهُ الْفِدْيَةَ مِنْ أُسَارَى بَدْرٍ، فَعَاتَبَهُ اللَّهُ كَمَا تَسْمَعُونَ. قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا اللُّطْفِ بَدَأَ بِالْعَفْوِ قَبْلَ أَنْ يُعَيِّرَهُ بِالذَّنْبِ. وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَقَّرَهُ وَرَفَعَ مَحَلَّهُ بِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ بِالدُّعَاءِ لَهُ، كَمَا يَقُولُ الرَّجْلُ لِمَنْ يُخَاطِبُهُ إِذَا كَانَ كَرِيمًا عِنْدَهُ: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ مَا صَنَعْتَ فِي حَاجَتِي؟ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ أَلَا زُرْتَنِي. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَدَامَ اللَّهُ لَكَ الْعَفْوَ. ﴿لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ أَيْ: فِي التَّخَلُّفِ عَنْكَ ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ فِي أَعْذَارِهِمْ، ﴿وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ فِيهَا، أَيْ: تَعْلَمَ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ يَوْمَئِذٍ. ﴿لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾ أَيْ: لَا يَسْتَأْذِنُكَ فِي التَّخَلُّفِ، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ﴾ . ﴿إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أَيْ شَكَّتْ وَنَافَقَتْ، ﴿فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ مُتَحَيِّرِينَ. ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ﴾ إِلَى الْغَزْوِ، ﴿لَأَعَدُّوا لَهُ﴾ أي: لهيؤوا لَهُ ﴿عُدَّةً﴾ أُهْبَةً وَقُوَّةً مِنَ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، ﴿وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ﴾ خُرُوجَهُمْ، ﴿فَثَبَّطَهُمْ﴾ مَنَعَهُمْ وَحَبَسَهُمْ عَنِ الْخُرُوجِ، ﴿وَقِيلَ اقْعُدُوا﴾ فِي بُيُوتِكُمْ، ﴿مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ يَعْنِي: مَعَ الْمَرْضَى وَالزَّمْنَى. وَقِيلَ: مَعَ النِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقِيلَ﴾ أَيْ: قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اقْعُدُوا. وَقِيلَ: أَوْحَى إِلَى قُلُوبِهِمْ وَأُلْهِمُوا أَسْبَابَ الْخُذْلَانِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب