الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: " فَارَقُوا "، بِالْأَلِفِ هَاهُنَا وَفِي سُورَةِ الرُّومِ، أَيْ: خَرَجُوا مِنْ دِينِهِمْ وَتَرَكُوهُ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: "فَرَّقُوا" مُشَدَّدًا، أَيْ: جَعَلُوا دِينَ اللَّهِ وَهُوَ وَاحِدٌ -دِينَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْحَنِيفِيَّةَ -أَدْيَانًا مُخْتَلِفَةً، فَتَهَوَّدُ قَوْمٌ وَتَنَصَّرُ قَوْمٌ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَكَانُوا شِيَعًا﴾ أَيْ: صَارُوا فِرَقًا مُخْتَلِفَةً وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ.
وَقِيلَ: هُمْ أَصْحَابُ الْبِدَعِ وَالشُّبُهَاتِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِعَائِشَةَ: "يا عائشة ١٢٧\أإِنَّ الَّذِينَ فَارَقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا هُمْ أَصْحَابُ الْبِدَعِ وَالشُّبُهَاتِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ" [[عزاه ابن كثير لابن مردويه، وقال: "وهو غريب.. ولا يصح رفعه". ثم قال: "والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفا له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد، لا اختلاف فيه ولا افتراق". تفسير ابن كثير: ٢ / ١٩٧.]] .
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْحَنَفِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ الْأَزْهَرِيِّ بْنِ عَقِيلٍ الْفَقِيهُ الْبَلْخِيُّ أَنَا الرَّمَادِيُّ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَنَا ثَوْرُ بن يزيد نا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصُّبْحَ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا: فَقَالَ: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فإن من يعيش مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٍ" [[أخرجه أبو داود في السنة، باب لزوم السنة: ٧ / ١١، وسكت عنه المنذري، وأخرجه الترمذي في العلم، باب ما جاء في الأخذ في السنة واجتناب البدع: ٧ / ٤٣٧-٤٤٢، وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجه في المقدمة، برقم (٤٢ و٤٣) : ١ / ١٥-١٦، والدارمي في المقدمة: ١ / ٤٤، وصححه ابن حبان ص (١٠٢) من موارد الظمآن، وأخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد: ١ / ٧٤-٧٥، والآجري في الشريعة ص (٤٦-٤٧) ، وابن أبي عاصم في السنة: ١ / ١٧-١٩، وأخرجه الحاكم: ١ / ٩٥ وقال: صحيح ليس له علة. والإمام أحمد: ٤ / ١٢٦-١٢٧. والمصنف في شرح السنة: ١ / ٢٠٥.]] .
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفَرَّقَتْ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً"، قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي" [[روي هذا الحديث من طرق كثيرة عن عدد من الصحابة بألفاظ مختلفة، فقد أخرجه أبو داود في السنة: ٧ / ٣-٤، والترمذي في الإيمان، باب افتراق هذه الأمة: ٧ / ٣٩٧ وقال: حسن صحيح. وابن ماجه في الفتن برقم (٣٩٩١) : ٢ / ١٣٢١، والدارمي في السير: ٢ / ٢٤١، وابن حبان برقم (١٨٣٤) من الموارد، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي: ١ / ١٢٨-١٢٩، والإمام أحمد في المسند: ٢ / ٢٣٢. وأخرجه أيضا ابن أبي عاصم في السنة: ١ / ٧، واللالكائي: ١ / ١٠٠، والآجري في الشريعة ص (١٤-١٦) وانظر: الوصية الكبري لشيخ الإسلام ابن تيمية بتحقيقنا، ص (٤٥-٤٦) طبع مكتبة الصديق.]] .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: "فَإِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺُ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا" [[أخرجه البخاري في الاعتصام، باب الاقتداء بالسنن: ١٣ / ٢٥١. والمصنف في شرح السنة ١ / ٢١١. قال ابن حجر في الفتح: "ظاهر سياق الحديث أنه موقوف، لكن القدر الذي له حكم الرفع منه، قوله: "وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ" فإن فيه إخبارا عن صفة من صفاته ﷺ، وهو أحد أقسام المرفوع، وقلّ من نبه على ذلك. وهو كالمتفق عليه لتخريج المصنفين المقتصرين على الأحاديث المرفوعة - الأحاديث الواردة في شمائله ﷺ، فإن أكثرها يتعلق بصفة خلقه وذاته، كوجهه وشعره، وكذا بصفة خلقه كحلمه وصفحه. وهذا مندرج في ذلك، مع أن الحديث جاء عن ابن مسعود مصرحا فيه بالرفع من وجه آخر أخرجه أصحاب السنن، ولكنه ليس على شرط البخاري".]] . وَرَوَاهُ جَابِرٌ مَرْفُوعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ [[هذه الرواية أخرجها مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم (٨٦٧) : ٢ / ٥٩٢. والمصنف في شرح السنة: ١ / ٢١١. وانظر فتح الباري: ١٣ / ٢٥٣.]] .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ قبل: لَسْتَ مِنْ قِتَالِهِمْ فِي شَيْءٍ، نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ [[انظر فيما سبق التعليق على تفسير الآية (١٣) من سورة المائدة في هذا الجزء. ص (٣٢-٣٣) .]] وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَمَنْ قَالَ: أَرَادَ بِالْآيَةِ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ قَالَ: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: "لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ" أَيْ أَنْتَ مِنْهُمْ بَرِيءٌ وَهُمْ مِنْكَ بُرَآءُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: إِنْ فَعَلْتَ كَذَا فَلَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْكَ أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بَرِيءٌ مِنْ صَاحِبِهِ، ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ﴾ يَعْنِي: فِي الْجَزَاءِ وَالْمُكَافَآتِ، ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ إِذَا وَرَدُوا لِلْقِيَامَةِ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق