الباحث القرآني

﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ﴾ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَابْنُ كَثِيرٍ " قَتَلُوا " بِتَشْدِيدِ التَّاءِ عَلَى التَّكْثِيرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ. ﴿سَفَهًا﴾ جَهْلًا. ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ نَزَلَتْ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَبَعْضِ الْعَرَبِ مِنْ غَيْرِهِمْ، كَانُوا يَدْفِنُونَ الْبَنَاتِ أَحْيَاءً مَخَافَةَ السَّبْيِ وَالْفَقْرِ، وَكَانَ بَنُو كِنَانَةَ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ [[الدر المنثور: ٣ / ٣٦٦.]] . ﴿وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ﴾ يَعْنِي: الْبَحِيرَةَ وَالسَّائِبَةَ وَالْوَصِيلَةَ وَالْحَامِ، ﴿افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ﴾ حَيْثُ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَهُمْ بِهَا، ﴿قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ﴾ ابْتَدَعَ. ﴿جَنَّاتٍ﴾ بَسَاتِينَ، ﴿مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ﴾ أَيْ: +مَسْمُوكَاتٍ مَرْفُوعَاتٍ وَغَيْرَ مَرْفُوعَاتٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْرُوشَاتٍ: مَا انْبَسَطَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَانْتَشَرَ مِمَّا يُعَرِّشُ، مِثْلُ: الْكَرْمِ وَالْقَرْعِ وَالْبِطِّيخِ وَغَيْرِهَا، وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ. مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ وَبَسَقَ، مِثْلُ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَسَائِرِ الْأَشْجَارِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: كِلَاهُمَا، الْكَرْمُ خَاصَّةً، مِنْهَا مَا عَرَّشَ وَمِنْهَا مَا لَمْ يُعَرِّشْ. ﴿وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ﴾ أَيْ: وَأَنْشَأَ النَّخْلَ وَالزَّرْعَ، ﴿مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ﴾ ثَمَرُهُ وَطَعْمُهُ مِنْهَا الْحُلْوُ وَالْحَامِضُ وَالْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ، ﴿وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا﴾ فِي الْمَنْظَرِ، ﴿وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ فِي الْمَطْعَمِ مِثْلَ الرُّمَّانَتَيْنِ لَوْنُهُمَا وَاحِدٌ وَطَعْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ، ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ﴾ هَذَا أَمْرُ إِبَاحَةٍ. ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ ﴿حَصَادِهِ﴾ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهَا وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، كَالصِّرَامِ وَالصَّرَامِ وَالْجَزَازِ وَالْجِزَازِ. وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْحَقِّ: فَقَالَ ابن عباس وطاووس وَالْحَسَنُ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: إِنَّهَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ مِنَ الْعُشْرِ وَنِصْفِ الْعُشْرِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَحَمَّادٌ وَالْحَكَمُ: هُوَ حَقٌّ فِي الْمَالِ سِوَى الزَّكَاةِ، أَمَرَ بِإِتْيَانِهِ، لِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ وَفُرِضَتِ الزَّكَاةُ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: هُوَ الضِّغْثُ. وَقَالَ الرَّبِيعُ: لُقَاطُ السُّنْبُلِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانُوا [يُعَلِّقُونَ] [[ساقط من "أ".]] الْعِذْقَ عِنْدَ الصِّرَامِ فَيَأْكُلُ مِنْهُ مَنْ مَرَّ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ: كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِذَا صَرَمُوا يَجِيئُونَ بِالْعِذْقِ فَيُعَلِّقُونَهُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَيَجِيءُ الْمِسْكِينُ فَيَضْرِبُهُ بِعَصَاهُ فَيَسْقُطُ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ هَذَا حَقًّا يُؤْمَرُ بِإِتْيَانِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ فَصَارَ مَنْسُوخًا بِإِيجَابِ الْعُشْرِ. وَقَالَ مِقْسَمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَسَخَتِ الزَّكَاةُ كُلَّ نَفَقَةٍ فِي الْقُرْآنِ. ﴿وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ قِيلَ: أَرَادَ بِالْإِسْرَافِ إِعْطَاءَ الْكُلِّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ: إِنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ صَرَمَ خَمْسَمِائَةِ نَخْلَةٍ وَقَسَّمَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ لِأَهْلِهِ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ. [[انظر: الدر المنثور: ٣ / ٣٦٩.]] قَالَ السُّدِّيُّ: لَا تُسْرِفُوا أَيْ لَا تُعْطُوا أَمْوَالَكُمْ فَتُقْعُدُوا فُقَرَاءَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: عَلَى هَذَا إِذَا أَعْطَى الْإِنْسَانُ كُلَّ مَالِهِ وَلَمْ يُوَصِّلْ إِلَى عِيَالِهِ شَيْئًا فَقَدْ أَسْرَفَ، لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ "ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ" [[قطعة من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري في الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى: ٣ / ٢٩٤، ومسلم في الزكاة، باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح، برقم (١٠٣٤) : ٢ / ٧١٧، والمصنف في شرح السنة: ٥ / ١٧٨، ١٧٩.]] . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: مَعْنَاهُ لَا تَمْنَعُوا الصَّدَقَةَ. فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا: لَا تَتَجَاوَزِ الْحَدَّ فِي الْبُخْلِ وَالْإِمْسَاكِ حَتَّى تَمْنَعُوا الْوَاجِبَ مِنَ الصَّدَقَةِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لَا تُشْرِكُوا الْأَصْنَامَ فِي الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا تُنْفِقُوا فِي الْمَعْصِيَةِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْإِسْرَافُ مَا قَصَّرْتَ بِهِ عَنْ حَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ: لَوْ كَانَ أَبُو قُبَيْسٍ ذَهَبَا لِرَجُلٍ فَأَنْفَقَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ مُسْرِفًا وَلَوْ أَنْفَقَ دِرْهَمًا أَوْ مُدًّا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَانَ مُسْرِفًا. وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: مَا جَاوَزْتَ بِهِ أَمْرَ اللَّهِ فَهُوَ سَرَفٌ وَإِسْرَافٌ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ. قَالَ: الْخِطَابُ لِلسَّلَاطِينِ، يَقُولُ: لَا تَأْخُذُوا فَوْقَ حَقِّكُمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب