الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ أَيْ: يَفْتَحْ قَلْبَهُ وَيُنَوِّرْهُ حَتَّى يَقْبَلَ الْإِسْلَامَ، وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ شَرْحِ الصَّدْرِ، فَقَالَ: "نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ فَيَنْشَرِحُ لَهُ وَيَنْفَسِحُ"، قِيلَ: فَهَلْ لِذَلِكَ [أَمَارَةٌ؟] [[في "ب": (من علامة) .]] قَالَ: "نَعَمْ، الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ" [[أخرجه الطبري: ١٢ / ٩٨-١٠٢، والبيهقي في الأسماء والصفات: ١ / ٢٥٧-٢٥٨ قال البيهقي: "هذا منقطع". وانظر: الدر المنثور: ٣ / ٣٥٤. فقد عزاه لابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق، والفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. وضعفه الشيخ محمود شاكر في تعليقه على الطبري. وقواه ابن كثير لتعدد طرقه: ٢ / ١٧٦.]] . قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ " ضَيْقًا " بِالتَّخْفِيفِ هَاهُنَا وَفِي الْفُرْقَانِ، وَالْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ، وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ: هَيْنٍ وَهَيِّنٍ وَلَيْنٍ وَلَيِّنٍ، ﴿حَرَجًا﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَبُو بَكْرٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ أَيْضًا مِثْلُ: الدِّنَفِ وَالدَّنَفِ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ الْحَرَجُ بِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ [كَالطَّلَبِ، وَمَعْنَاهُ ذَا حَرَجٍ] [[ساقط من "ب".]] وَبِالْكَسْرِ الِاسْمِ، وَهُوَ أَشَدُّ الضِّيقِ، يَعْنِي: يَجْعَلْ قَلْبَهُ ضَيِّقًا حَتَّى لَا يَدْخُلَهُ الْإِيمَانُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَيْسَ لِلْخَيْرِ فِيهِ مَنْفَذٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا سَمِعَ ذِكْرَ اللَّهِ اشْمَأَزَّ قَلْبُهُ، وَإِذَا ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ ارْتَاحَ إِلَى ذَلِكَ. وَقَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذِهِ الْآيَةَ، فَسَأَلَ أَعْرَابِيًّا مِنْ كِنَانَةَ: مَا الْحَرِجَةُ فِيكُمْ؟ قَالَ: الْحَرِجَةُ فِينَا الشَّجَرَةُ تَكُونُ بَيْنَ الْأَشْجَارِ الَّتِي لَا تَصِلُ إِلَيْهَا رَاعِيَةٌ وَلَا وَحْشِيَّةٌ وَلَا شَيْءٌ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَذَلِكَ قَلْبُ الْمُنَافِقِ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ. ﴿كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: " يَصْعَدُ "، بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ " يَصَّاعَدُ " بِالْأَلِفِ، أَيْ يَتَصَاعَدُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ ﴿يَصَّعَّدُ﴾ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَالْعَيْنِ، أَيْ: يَتَصَعَّدُ، يَعْنِي: يَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ كَمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ صُعُودُ السَّمَاءِ، وَأَصْلُ الصُّعُودِ الْمَشَقَّةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا) أَيْ: عَقَبَةً شَاقَّةً، ﴿كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرِّجْسُ هُوَ الشَّيْطَانُ، أَيْ: يُسَلَّطُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ الْمَأْثَمُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الرِّجْسُ مَا لَا خَيْرَ فِيهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: الرِّجْسُ الْعَذَابُ مِثْلُ الرِّجْسِ. وَقِيلَ: هُوَ النَّجَسُ. رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: " [اللَّهُمَّ إِنِّي] [[زيادة من "ب".]] أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ +وَالنَّجَسِ" [[أخرجه ابن ماجه، كتاب الطهارة، رقم (٢٩٩) : ١ / ١٠٩، وقال في الزوائد: إسناده ضعيف، أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص (١٢) . من طريق إسماعيل بن رافع عن دريد بن نافع عن ابن عمر، وابن عساكر عن ابن مسعود. قال المنذري: "هذا حديث ضعيف" وقال العراقي: "إسماعيل مختلف فيه، ورواية دريد بن نافع عن ابن عمر منقطعة". انظر: فيض القدير للمناوي: ٥ / ١٢٨ والذي ثبت في الصحيحين وفي السنن أنه ﷺ كان يقول إذا دخل الخلاء: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".]] . وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الرِّجْسُ اللَّعْنَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابُ فِي الْآخِرَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب