قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ أَمَامَ مُنَاجَاتِكُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَكْثَرُوا حَتَّى شَقُّوا عَلَيْهِ فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَلَى نَبِيِّهِ وَيُثَبِّطَهُمْ وَيَرْدَعَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا صَدَقَةً عَلَى الْمُنَاجَاةِ مَعَ الرَّسُولِ ﷺ [[عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٨ / ٨٣ لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وانظر: الطبري: ٢٨ / ٢٠ - ٢١.]] .
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: نَزَلَتْ فِي الْأَغْنِيَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْتُونَ النَّبِيَّ ﷺ فَيُكْثِرُونَ مُنَاجَاتَهُ وَيَغْلِبُونَ الْفُقَرَاءَ عَلَى الْمَجَالِسِ، حَتَّى كَرِهَ النَّبِيُّ ﷺ طُولَ جُلُوسِهِمْ وَمُنَاجَاتِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ انْتَهَوْا عَنْ مُنَاجَاتِهِ، فَأَمَّا أَهْلُ الْعُسْرَةِ فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا وَأَمَّا أَهْلُ الْمُيَسَّرَةِ فَضَنُّوا وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلَتِ الرُّخْصَةُ [[انظر: الواحدي في أسباب النزول ص (٤٧٦) .]] .
قَالَ مُجَاهِدٌ: نُهُوا عَنِ الْمُنَاجَاةِ حَتَّى يَتَصَدَّقُوا فَلَمْ يُنَاجِهِ إِلَّا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَصَدَّقَ بِدِينَارٍ وَنَاجَاهُ ثُمَّ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ فَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي وَهِيَ آيَةُ الْمُنَاجَاةِ [[أخرجه الطبري: ٢٨ / ١٩ - ٢٠، وابن كثير: ٤ / ٣٢٧.]]
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَمَا تَرَى دِينَارًا؟ قُلْتُ: لَا يُطِيقُونَهُ قَالَ: فَكَمْ؟ قُلْتُ: حَبَّةً أَوْ شَعِيرَةً، قَالَ: إِنَّكَ لَزَهِيدٌ، فَنَزَلَتْ: "أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ" قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: فَبِي قَدْ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ [[أخرجه الترمذي في التقسير - تفسير سورة المجادلة - ٩ / ١٩٢ - ١٩٤ وقال: " هذا حديث حسن غريب" والطبري: ٢٨ / ٢١، وأبو يعلى: ١ / ٢٢٣، وابن حبان في موارد الظمآن برقم: (١٧٦٤) صفحة: (٤٣٧) وفيه علي بن علقمة ذكره ابن حبان في المجروحين: (٢ / ١٠٩) وقال: "منكر الحديث ينفرد عن علي بما لا يشبه حديثه". وذكره الذهبي في الميزان: (٣ / ١٤٦) وقال: "في حديثه نظر"، وساق له هذا الحديث الذي ذكره العقيلي في الضعفاء.]] .
﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ يَعْنِي: تَقْدِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُنَاجَاةِ ﴿وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ يَعْنِي الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يَتَصَدَّقُونَ بِهِ مَعْفُوٌّ عَنْهُمْ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا نَـٰجَیۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةࣰۚ ذَ ٰلِكَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ"}