﴿سَابِقُوا﴾ سَارَعُوا ﴿إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ لَوْ وُصِلَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ ﴿أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ فَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ﴾ يَعْنِي: قَحْطَ الْمَطَرِ وَقِلَّةَ النَّبَاتِ وَنَقْصَ الثِّمَارِ ﴿وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ يَعْنِي: الْأَمْرَاضَ وَفَقْدَ الْأَوْلَادِ ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾ يَعْنِي: اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَخْلُقَ الْأَرْضَ وَالْأَنْفُسَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَ الْمُصِيبَةَ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: يَعْنِي النَّسَمَةَ ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ أَيْ إِثْبَاتَ ذَلِكَ عَلَى كَثْرَتِهِ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
﴿لِكَيْ لَا تَأْسَوْا﴾ تَحْزَنُوا ﴿عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ مِنَ الدُّنْيَا ﴿وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِقَصْرِ الْأَلْفِ، لِقَوْلِهِ "فَاتَكُمْ" فَجَعَلَ الْفِعْلَ لَهُ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ ﴿آتَاكُمْ﴾ بِمَدِّ الْأَلِفِ، أَيْ: أَعْطَاكُمْ. قَالَ عِكْرِمَةُ: لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ يَفْرَحُ وَيَحْزَنُ وَلَكِنِ اجْعَلُوا الْفَرَحَ شُكْرًا وَالْحُزْنَ صَبْرًا [[أخرجه الطبري: ٢٧ / ٢٣٥، وصححه الحاكم: ٢ / ٤٧٩ ووافقه الذهبي. وزاد السيوطي في الدر المنثور: ٨ / ٦٢ عزوه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الشعب.]] ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ مُتَكَبِّرٍ بِمَا أُوتِيَ مِنَ الدُّنْيَا "فَخُورٍ" يَفْخَرُ بِهِ عَلَى النَّاسِ.
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ: يَا ابن آدم مالك تَأْسَفُ عَلَى مَفْقُودٍ لَا يَرُدُّهُ إليك الفوت، ومالك تَفْرَحُ بِمَوْجُودٍ لَا يَتْرُكُهُ فِي يَدِكَ الْمَوْتُ [[انظر: القرطبي: ١٧ / ٢٥٨.]] .
﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ قِيلَ: هُوَ فِي مَحَلِّ الْخَفْضِ عَلَى نَعْتِ الْمُخْتَالِ. وَقِيلَ: هُوَ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ فِيمَا بَعْدَهُ.
﴿وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ﴾ أَيْ: يُعْرِضْ عَنِ الْإِيمَانِ ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ: "فَإِنَّ اللَّهَ الْغَنِيُّ" بِإِسْقَاطِ "هُوَ" وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَصَاحِفِهِمْ.
{"ayahs_start":21,"ayahs":["سَابِقُوۤا۟ إِلَىٰ مَغۡفِرَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَ ٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ یُؤۡتِیهِ مَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِیمِ","مَاۤ أَصَابَ مِن مُّصِیبَةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَاۤۚ إِنَّ ذَ ٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیرࣱ","لِّكَیۡلَا تَأۡسَوۡا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا تَفۡرَحُوا۟ بِمَاۤ ءَاتَىٰكُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالࣲ فَخُورٍ","ٱلَّذِینَ یَبۡخَلُونَ وَیَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِۗ وَمَن یَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ"],"ayah":"سَابِقُوۤا۟ إِلَىٰ مَغۡفِرَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ ذَ ٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ یُؤۡتِیهِ مَن یَشَاۤءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِیمِ"}