الباحث القرآني
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ﴾ قَرَأَ الْعَامَّةُ بِضَمِّ الْجِيمِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَهِيَ جَمْعُ الْحُجَرِ، وَالْحُجَرُ جُمَعُ الْحُجْرَةِ فَهِيَ جَمْعُ الْجَمْعِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرِيَّةً إِلَى بَنِي الْعَنْبَرِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ الْفَزَارِيَّ، فَلَمَّا عَلِمُوا أَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَهُمْ هَرَبُوا وَتَرَكُوا عِيَالَهُمْ، فَسَبَاهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَقَدِمَ بِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ رِجَالُهُمْ يَفْدُونَ الذَّرَارِيَّ، فَقَدِمُوا وَقْتَ الظَّهِيرَةِ، وَوَافَقُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَائِلًا فِي أَهْلِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُمُ الذَّرَارِيُّ أَجْهَشُوا إِلَى آبَائِهِمْ يبكون، وكان ١٣٥/ألِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ [حُجْرَةٌ، فَعَجَّلُوا أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ] [[ما بين القوسين ساقط من "أ".]] ، فَجَعَلُوا يُنَادُونَ: يَا مُحَمَّدُ اخْرُجْ إِلَيْنَا، حَتَّى أَيْقَظُوهُ مِنْ نَوْمِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ فَادِنَا عِيَالَنَا، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ رَجُلًا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ سَبْرَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَهُوَ عَلَى دِينِكُمْ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ سَبْرَةُ: أَنَا لَا أَحْكُمُ بَيْنَهُمْ إِلَّا وَعَمِّي شَاهِدٌ، وَهُوَ الْأَعْوَرُ بْنُ بَشَامَةَ، فَرَضُوا بِهِ، فَقَالَ الْأَعْوَرُ: أَرَى أَنَّ تُفَادِيَ نِصْفَهُمْ وَتَعْتِقَ نِصْفَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قَدْ رَضِيتُ، فَفَادَى نِصْفَهُمْ وَأَعْتَقَ نِصْفَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾، وَصْفَهُمْ بِالْجَهْلِ وَقِلَّةِ الْعَقْلِ [[انظر: الكافي الشاف ص (١٥٦) .]] .
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ قَالَ مُقَاتِلٌ: لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ لِأَنَّكَ كُنْتَ تَعْتِقُهُمْ جَمِيعًا وَتُطْلِقُهُمْ بِلَا فِدَاءٍ، ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ .
وَقَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي نَاسٍ مِنْ أَعْرَابِ بني تميم جاؤوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَنَادَوْا عَلَى الْبَابِ [[أخرجه عبد الرزاق في التفسير: ٢ / ٢٣٠، وانظر: الطبري: ٢٦ / ١٢٢ سيرة ابن هشام: ٢ / ٥١٦.]] .
وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَتْ بْنُو تَمِيمٍ فَنَادَوْا عَلَى الْبَابِ: اخْرُجْ إِلَيْنَا يَا مُحَمَّدُ، فَإِنَّ مَدْحَنَا زَيْنٌ، وَذَمَّنَا شَيْنٌ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّمَا ذَلِكُمُ اللَّهُ الَّذِي مَدْحُهُ زَيْنٌ وَذَمُّهُ شَيْنٌ، فَقَالُوا: نَحْنُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ جِئْنَا بِشُعَرَائِنَا وَخُطَبَائِنَا لِنُشَاعِرَكَ وَنُفَاخِرَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "مَا بِالشِّعْرِ بُعِثْتُ وَلَا بِالْفِخَارِ أُمِرْتُ، وَلَكِنْ هَاتُوا"، فَقَامَ شَابٌّ مِنْهُمْ فَذَكَرَ فَضْلَهُ وَفَضْلَ قَوْمِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَكَانَ خَطِيبَ النَّبِيِّ ﷺ: "قُمْ فَأَجِبْهُ"، فَأَجَابَهُ، وَقَامَ شَاعِرُهُمْ فَذَكَرَ أَبْيَاتًا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: "أَجِبْهُ" فَأَجَابَهُ. فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا لَمُؤْتًى لَهُ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي هَذَا الْأَمْرَ، تَكَلَّمَ خَطِيبُنَا فَكَانَ خَطِيبُهُمْ أَحْسَنَ قَوْلًا وَتَكَلَّمَ شَاعِرُنَا فَكَانَ شَاعِرُهُمْ أَشْعَرَ وَأَحْسَنَ قَوْلًا ثُمَّ دَنَا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: "مَا يَضُرُّكَ مَا كَانَ قَبْلَ هَذَا" ثُمَّ أَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَكَسَاهُمْ، وَقَدْ كَانَ تَخَلَّفَ فِي رِكَابِهِمْ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ لِحَدَاثَةِ سِنِّهِ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِثْلَ مَا أَعْطَاهُمْ، وَأَزْرَى بِهِ بَعْضُهُمْ وَارْتَفَعْتِ الْأَصْوَاتُ وَكَثُرَ اللَّغَطُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَنَزَلَ فِيهِمْ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ" الْآيَاتِ الْأَرْبَعَ إِلَى قَوْلِهِ: "غَفُورٌ رَحِيمٌ". [[أخرجه الواحدي بسنده في أسباب النزول ص (٤٤٧) ، وقال الحافظ ابن حجر في الكافي الشاف ص (١٥٦) : "أورده الثعلبي من طريق يعلى بن عبد الرحمن عن عبد الحميد بن جعفر عن عمر بن الحكم عن جابر "جاءت بنو تميم فدخلوا ... " فذكره مطولا. وأخرج المقطع الأول منه الترمذي: ٩ / ١٥٢-١٥٣ عن البراء بن عازب وقال: "هذا حديث حسن غريب". وأخرجه الإمام أحمد: ٣ / ٤٨٨ عن الأقرع بن حابس، والهيثمي في المجمع: ٧ / ١٠٨ عن الأقرع بن حابس ثم قال: "رواه أحمد والطبراني وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع وإلا فهو مرسل كإسناد أحمد الآخر".]]
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ يَكُنْ نَبِيًّا فَنَحْنُ أَسْعَدُ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ يَكُنْ مَلِكًا نَعِشْ في جنابه، فجاؤوا فَجَعَلُوا يُنَادُونَهُ، يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: "إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" [[أخرجه الطبري: ٢٦ / ١٢١. وذكره ابن حجر في المطالب العالية: ٣ / ٣٧٥ ونسبه لمسدد، وإسحاق وأبي يعلى وقال البوصيري: "رجاله ثقات". وقال الهيثمي في المجمع: (٧ / ١٠٨) : "رواه الطبراني وفيه داود بن راشد الطفاوي وثقه ابن حبان وضعفه ابن معين". وانظر: الدر المنثور: ٧ / ٥٥٢-٥٥٣، القرطبي: ١٦ / ٣٠٩.]] .
{"ayahs_start":4,"ayahs":["إِنَّ ٱلَّذِینَ یُنَادُونَكَ مِن وَرَاۤءِ ٱلۡحُجُرَ ٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ","وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُوا۟ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَیۡهِمۡ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"],"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ یُنَادُونَكَ مِن وَرَاۤءِ ٱلۡحُجُرَ ٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق