الباحث القرآني

﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ﴾ مَعْنَاهُ: أَخْبَرُونِي مَاذَا تَقُولُونَ، ﴿إِنْ كَانَ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ، ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ﴾ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ، ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ﴾ الْمِثْلُ: صِلَةٌ، يَعْنِي: عَلَيْهِ، أَيْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴿فَآمَنَ﴾ يَعْنِي الشَّاهِدَ، ﴿وَاسْتَكْبَرْتُمْ﴾ عَنِ الْإِيمَانِ بِهِ، وَجَوَابُ قَوْلِهِ: "إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ" مَحْذُوفٌ، عَلَى تَقْدِيرِ: أَلَيْسَ قَدْ ظَلَمْتُمْ؟ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ وَقَالَ الْحَسَنُ: جَوَابُهُ: فَمَنْ أَضَلُّ مِنْكُمْ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ السَّجْدَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الشَّاهِدِ، قَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، شَهِدَ عَلَى نُبُوَّةِ الْمُصْطَفَى ﷺ وَآمَنَ بِهِ، وَاسْتَكْبَرَ الْيَهُودُ فَلَمْ يُؤْمِنُوا. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِمَقْدِمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ: فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا، قَالَ: جِبْرِيلُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: "قُلْ مَنْ كَانَ عَدْوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ" [البقرة: ٩٧] ، فَأَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نُزِعَ الْوَلَدُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، [يَا رَسُولَ اللَّهِ] [[ما بين القوسين ساقط من "أ".]] إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهْتٌ، وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ يَبْهَتُونِي، فَجَاءَتِ الْيَهُودُ فَقَالَ: أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ فِيكُمْ؟ قَالُوا خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، قَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنَّ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ؟ قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنْ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنِ شَرِّنَا، فَانْتَقَصُوهُ، قَالَ: هَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ" [[أخرجه البخاري في التفسير (تفسير سورة البقرة) باب: (من كان عدوا لجبريل) ٨ / ١٦٥، والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ٣٧٢-٣٧٣.]] . أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي النَّضِرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: "وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ". قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ مَالِكٌ الْآيَةَ أَوْ فِي الْحَدِيثِ [[أخرجه البخاري في مناقب الصحابة، باب: مناقب عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- ٧ / ١٢٨، ومسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل عبد الله بن سلام - رضي الله عنه- برقم: (٢٤٨٣) ٤ / ١٩٣٠، والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ١٨٩-١٩٠.]] . وَقَالَ الْآخَرُونَ: الشَّاهِدُ هُوَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ [[انظر: البحر المحيط: ٨ / ٥٧-٥٨.]] . وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: قَالَ مَسْرُوقٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: وَاللَّهِ مَا نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ لِأَنَّ الْ حم نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِالْمَدِينَةِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مُحَاجَّةٍ كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِقَوْمِهِ، وَمِثْلُ الْقُرْآنِ التَّوْرَاةُ فَشَهِدَ مُوسَى عَلَى التَّوْرَاةِ وَمُحَمَّدٌ ﷺ عَلَى الْفُرْقَانِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يُصَدِّقُ الْآخَرَ [[أخرجه الطبري: ٢٦ / ٩-١٠ وقال مرجحًا في: (٢٦ / ١٠) : "والصواب من القول في ذلك عندنا أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنزيل" لأن قوله (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله) في سياق توبيخ الله تعالى ذكره مشركي قريش، واحتجاجًا عليهم لنبيه ﷺ، وهذه الآية نظير سائر الآيات قبلها، ولم يجر لأهل الكتاب ولا اليهود قبل ذلك ذكر، فتوجه هذه الآية إلى أنها فيهم نزلت، ولا دل على انصراف الكلام عن قصص الذين تقدم الخبر عنهم معنى، غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ بأن ذلك عني به عبد الله بن سلام وعليه أكثر أهل التأويل، وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به، فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك، وشهد عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل على مثله، يعني على مثل القرآن، وهو التوراة، وذلك شهادته أن محمدًا مكتوب في التوراة أنه نبي تجده اليهود مكتوبًا عندهم في التوراة، كما هو مكتوب في القرآن أنه نبي".]] . وَقِيلَ: هُوَ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ فَلَمْ تُؤْمِنُوا ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب