﴿ذَلِكَ﴾ الَّذِي ذَكَرْتُ مِنَ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ، ﴿جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ﴾ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ الْجَزَاءَ فَقَالَ: ﴿النَّارُ﴾ أَيْ: هُوَ النَّارُ، ﴿لَهُمْ فِيهَا﴾ أَيْ: فِي النَّارِ، ﴿دَارُ الْخُلْدِ﴾ دَارُ الْإِقَامَةِ لَا انْتِقَالَ مِنْهَا، ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ .
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أَيْ: فِي النَّارِ يَقُولُونَ.
﴿رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ يَعْنُونَ إِبْلِيسَ وَقَابِيلَ بْنَ آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ لِأَنَّهُمَا سَنَّا الْمَعْصِيَةَ، ﴿نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا﴾ فِي النَّارِ، ﴿لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾ لِيَكُونَا فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِيَكُونَا أَشَدَّ عَذَابًا مِنَّا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الصَّدِيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ فَقَالَ: أَنْ لَا تُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا. [[عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٣٢١-٣٢٢ لعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.]] وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "الِاسْتِقَامَةُ" أَنْ تَسْتَقِيمَ عَلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَلَا تَرُوغَ رَوَغَانَ الثَّعْلَبِ. [[أخرجه الطبري: ٢٤ / ١١٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٣٢٢ لابن المبارك وسعيد بن منصور وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، والحكيم الترمذي، وابن المنذر.]] وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَخْلَصُوا الْعَمَلَ لِلَّهِ. [[انظر: البحر المحيط: ٧ / ٤٩٦.]] وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَدَّوُا الْفَرَائِضَ [[أخرجه الطبري: ٢٤ / ١١٥.]] . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اسْتَقَامُوا عَلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ [[أخرجه الطبري: ٢٤ / ١١٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور: ٧ / ٣٢٢ لابن المنذر وابن أبي حاتم.]] .
وَقَالَ الْحَسَنُ: اسْتَقَامُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ، وَاجْتَنَبُوا مَعْصِيَتَهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: اسْتَقَامُوا عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى لَحِقُوا بِاللَّهِ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: اسْتَقَامُوا عَلَى الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يَرْتَدُّوا. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْحَسَنُ إِذَا تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّنَا فَارْزُقْنَا الِاسْتِقَامَةَ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عِنْدَ الْمَوْتِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: إِذَا قَامُوا مِنْ قُبُورِهِمْ. [[انظر: البحر المحيط: ٧ / ٤٩٦، زاد المسير: ٧ / ٢٥٤.]] قَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجِرَاحِ: الْبُشْرَى تَكُونُ فِي ثَلَاثِ مَوَاطِنَ: عِنْدَ الْمَوْتِ وَفِي الْقَبْرِ وَعِنْدَ الْبَعْثِ.
﴿أَلَّا تَخَافُوا﴾ مِنَ الْمَوْتِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا تَخَافُوا عَلَى مَا تَقْدَمُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ.
﴿وَلَا تَحْزَنُوا﴾ عَلَى مَا خَلَّفْتُمْ مِنْ أَهْلٍ وَوَلَدٍ، فَإِنَّا نَخْلُفُكُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. [[أخرجه الطبري: ٢٤ / ١١٦، وذكره ابن كثير في تفسيره: ٤ / ١٠٠.]] وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: لَا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا عَلَى ذُنُوبِكُمْ فَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكُمْ [[انظر: البحر المحيط: ٧ / ٤٩٦.]] ، ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ .
{"ayahs_start":28,"ayahs":["ذَ ٰلِكَ جَزَاۤءُ أَعۡدَاۤءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُۖ لَهُمۡ فِیهَا دَارُ ٱلۡخُلۡدِ جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یَجۡحَدُونَ","وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ رَبَّنَاۤ أَرِنَا ٱلَّذَیۡنِ أَضَلَّانَا مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ نَجۡعَلۡهُمَا تَحۡتَ أَقۡدَامِنَا لِیَكُونَا مِنَ ٱلۡأَسۡفَلِینَ","إِنَّ ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ تَتَنَزَّلُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ أَلَّا تَخَافُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَبۡشِرُوا۟ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ"],"ayah":"وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ رَبَّنَاۤ أَرِنَا ٱلَّذَیۡنِ أَضَلَّانَا مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ نَجۡعَلۡهُمَا تَحۡتَ أَقۡدَامِنَا لِیَكُونَا مِنَ ٱلۡأَسۡفَلِینَ"}