الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ يَعْنِي: يَهُودَ الْمَدِينَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: نَزَلَتْ فِي رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ وَمَالِكِ بْنِ دَخْشَمٍ، كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَوَّيَا بِأَلْسِنَتِهِمَا [[في ب:: (لسانهما) .]] وَعَابَاهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ [[انظر: الدر المنثور: ٢ / ٥٩٣.]] ﴿يَشْتَرُونَ﴾ يَسْتَبْدِلُونَ، ﴿الضَّلَالَةَ﴾ يَعْنِي: بِالْهُدَى، ﴿وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾ أَيْ: عَنِ السَّبِيلِ يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ﴾ مِنْكُمْ فَلَا تَسْتَنْصِحُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاؤُكُمْ، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ اكْتَفُوا بِاللَّهِ وَلِيًّا وَاكْتَفُوا بِاللَّهِ نَصِيرًا. ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾ قِيلَ: هِيَ مُتَّصِلَةٌ بُقُولِهِ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾ وَقِيلَ: هِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ، مَعْنَاهُ: مِنَ الَّذِينَ هَادُوا مَنْ يُحَرِّفُونَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٤] أَيْ: مَنْ لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ، يُرِيدُ: فَرِيقٌ، ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ﴾ يُغَيِّروُنَ الْكَلِمَ ﴿عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ يَعْنِي: صِفَةَ مُحَمَّدٍ ﷺ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَتِ الْيَهُودُ يَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَيَسْأَلُونَهُ عَنِ الْأَمْرِ، فَيُخْبِرُهُمْ، فَيَرَى أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ، فَإِذَا انْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ حَرَّفُوا كَلَامَهُ، ﴿وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا﴾ قَوْلَكَ ﴿وَعَصَيْنَا﴾ أَمْرَكَ، ﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ أَيْ: اسْمَعْ مِنَّا وَلَا نَسْمَعُ مِنْكَ، ﴿غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ أَيْ: غَيْرَ مَقْبُولٍ مِنْكَ، وَقِيلَ: كَانُوا يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: اسْمَعْ، ثُمَّ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: لَا سَمِعْتَ، ﴿وَرَاعِنَا﴾ أَيْ: وَيَقُولُونَ رَاعِنَا، يُرِيدُونَ بِهِ النِّسْبَةَ إِلَى الرُّعُونَةِ، ﴿لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ تَحْرِيفًا ﴿وَطَعْنًا﴾ قَدْحًا ﴿فِي الدِّينِ﴾ أَنَّ قَوْلَهُ: "وَرَاعِنَا" مِنَ الْمُرَاعَاةِ، وَهُمْ يُحَرِّفُونَهُ، يُرِيدُونَ بِهِ الرُّعُونَةَ، ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا﴾ أَيِ: انْظُرْ إِلَيْنَا مَكَانَ قَوْلِهِمْ رَاعِنَا، ﴿لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾ أَيْ أَعْدَلَ وَأَصْوَبَ، ﴿وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ إِلَّا نَفَرًا قَلِيلًا مِنْهُمْ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَمَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب