الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ أَيْ: شَاهِدًا لِلرُّسُلِ بِالتَّبْلِيغِ، وَمُبَشِّرًا لِمَنْ آمَنَ بِالْجَنَّةِ، وَنَذِيرًا لِمَنْ كَذَّبَ بِآيَاتِنَا بِالنَّارِ. ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ﴾ إِلَى تَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ، ﴿بِإِذْنِهِ﴾ بِأَمْرِهِ، ﴿وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ سَمَّاهُ سِرَاجًا لِأَنَّهُ يُهْتَدَى بِهِ كَالسِّرَاجِ يُسْتَضَاءُ بِهِ فِي الظُّلْمَةِ. ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا﴾ . ﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَهُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، ﴿وَدَعْ أَذَاهُمْ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: اصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لَا تُجَازِهِمْ عَلَيْهِ. وَهَذَا مَنْسُوخٌ بآية القتال. ٨٣/ب ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ حَافِظًا. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ، الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ﴾ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ غَيْرُ وَاقِعٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَتَّبَ الطَّلَاقَ عَلَى النِّكَاحِ، حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: إِذَا نَكَحْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَنَكَحَ، لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ. وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَمُعَاذٍ، وَعَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةُ، وَشُرَيْحٌ وَسَعِيدُ بْنُ جبير، والقاسم وطاووس، وَالْحَسَنُ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَطَاءٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ عَيَّنَ امْرَأَةً يَقَعُ، وَإِنْ عَمَّ فَلَا يَقَعُ. وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَذَبُوا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، إِنْ كَانَ قَالَهَا فَزَلَّةٌ مِنْ عَالِمٍ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةً فَهِيَ طَالِقٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وإذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ﴾، وَلَمْ يَقِلْ إِذَا طَلَّقْتُمُوهُنَّ ثُمَّ نَكَحْتُمُوهُنَّ [[انظر: أحكام القرآن للجصاص: ٥ / ٢٣٢-٢٣٦.]] . أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْمُورِيُّ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ النَّهَاوَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ النَّيْسَابُورِيُّ بِمَكَّةَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ" [[أخرجه الحاكم: ٢ / ٤٢٠ وقال: مدار سند هذا الحديث على إسنادين واهيين: جرير عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي، وعمرو بن شعيب عن جده فلذلك لم يقع الاستقصاء من الشيخين في طلب هذه الأسانيد الصحيحة والله أعلم. وللحديث طرق أخرى عن عدد من الصحابة يتقوى بها، انظر: تخريجه بالتفصيل في: نصب الراية: ٣ / ٢٣٠-٢٣٣، تلخيص الحبير: ٣ / ٢١٠-٢١٢، إرواء الغليل: ٦ / ١٧٣-١٧٤، و٧ / ١٥٢-١٥٣.]] . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ تُجَامِعُوهُنَّ، ﴿فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ تُحْصُونَهَا بِالْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ، ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ﴾ أَيْ: أَعْطُوهُنَّ مَا يَسْتَمْتِعْنَ بِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَلَهَا الْمُتْعَةُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَضَ لَهَا صَدَاقًا فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا مُتْعَةَ لَهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: "فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ" [البقرة: ٢٣٧] . وَقِيلَ: هَذَا أَمْرُ نَدَبٍ، فَالْمُتْعَةُ مُسْتَحَبَّةٌ لَهَا مَعَ نِصْفِ الْمَهْرِ. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى إِنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْمُتْعَةَ بِكُلِّ حَالٍ لِظَاهِرِ الْآيَةِ. ﴿وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ خَلُّوا سَبِيلَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ ضِرَارٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب