الباحث القرآني

﴿أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: حُجَّةً وَعُذْرًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: كِتَابًا، ﴿فَهُوَ يَتَكَلَّمُ﴾ يَنْطِقُ، ﴿بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ﴾ أَيْ: يَنْطِقُ بِشِرْكِهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ بِهِ. ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً﴾ أَيْ: الْخِصْبَ وَكَثْرَةَ الْمَطَرِ، ﴿فَرِحُوا بِهَا﴾ يَعْنِي فَرَحَ الْبَطَرِ ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ أَيِ: الْجَدْبُ وَقِلَّةُ الْمَطَرِ وَيُقَالُ: الْخَوْفُ وَالْبَلَاءُ ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ السَّيِّئَاتِ، ﴿إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ يَيْأَسُونَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَهَذَا خِلَافُ وَصْفِ الْمُؤْمِنِ، فَإِنَّهُ يَشْكُرُ اللَّهَ عِنْدَ النِّعْمَةِ، وَيَرْجُو رَبَّهُ عِنْدَ الشِّدَّةِ. ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ الْبِرَّ وَالصِّلَةَ، ﴿وَالْمِسْكِينَ﴾ وَحَقُّهُ أَنْ يُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، ﴿وَابْنَ السَّبِيلِ﴾ يَعْنِي: الْمُسَافِرَ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّعِيفُ، ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ﴾ يَطْلُبُونَ ثَوَابَ اللَّهِ بِمَا يَعْمَلُونَ، ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: "أَتَيْتُمْ" مَقْصُورًا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْمَدِّ، أَيْ: أَعْطَيْتُمْ، وَمَنْ قَصَرَ فَمَعْنَاهُ: مَا جِئْتُمْ مِنْ رِبًا، وَمَجِيئُوهُمْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِعْطَاءِ كَمَا تَقُولُ: أَتَيْتُ خَطَئًا، وَأَتَيْتُ صَوَابًا، فَهُوَ يؤول في معنى إِلَى قَوْلِ مَنْ مدّ. ﴿لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَيَعْقُوبُ: "لِتُرْبُوا" بِالتَّاءِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ الْوَاوِ عَلَى الْخِطَابِ، أَيْ: لِتُرْبُوا أَنْتُمْ وَتَصِيرُوا ذَوِي زِيَادَةٍ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ وَفَتْحِهَا، وَنَصْبِ الْوَاوِ وَجَعَلُوا الْفِعْلَ لِلرِّبَا لِقَوْلِهِ: ﴿فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ، أَيْ: فِي اخْتِطَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَاجْتِذَابِهَا. وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: هُوَ الرَّجُلُ يُعْطِي غيره العطية ليثيب أَكْثَرَ مِنْهَا فَهَذَا جَائِزٌ حَلَالٌ، وَلَكِنْ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ فِي الْقِيَامَةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: "فَلَا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ"، وَكَانَ هَذَا حَرَامًا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ [المدثر: ٦] ، أَيْ: لَا تُعْطِ وَتَطْلُبْ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَيْتَ [[انظر الطبري: ٢١ / ٤٦-٤٧، الدر المنثور: ٦ / ٤٩٥-٤٩٦، القرطبي: ١٤ / ٣٦-٣٧، المحرر الوجيز: ١٢ / ٢٦٣.]] . وَقَالَ النَّخَعِيُّ: هُوَ الرَّجُلُ يُعْطِي صَدِيقَهُ أَوْ قَرِيبَهُ لِيُكْثِرَ مَالَهُ وَلَا يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ [[الطبري: ٢١ / ٤٧ وهو مروي أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما.]] . وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هُوَ الرَّجُلُ يَلْتَزِقُ بِالرَّجُلِ فَيَخْدِمُهُ وَيُسَافِرُ مَعَهُ فَيَجْعَلُ لَهُ رِبْحَ مَالِهِ الْتِمَاسَ عَوْنِهِ، لَا لِوَجْهِ اللَّهِ، فَلَا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى [[زاد المسير: ٦ / ٣٠٤ قال ابن عطية: وهو قريب من التفسير الأول.]] . ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ﴾ أَعْطَيْتُمْ مِنْ صَدَقَةٍ ﴿تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ يُضَاعَفُ لَهُمُ الثَّوَابُ فَيُعْطَوْنَ بِالْحَسَنَةِ عشر أمثالها ٧١/ب فَالْمُضْعِفُ ذُو الْأَضْعَافِ مِنَ الْحَسَنَاتِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: الْقَوْمُ مَهْزُولُونَ وَمَسْمُونُونَ: إِذَا هَزَلَتْ أَوْ سَمِنَتْ إِبِلُهُمْ [[في معاني القرآن للفراء: (٢ / ٣٢٥) : تقول العرب: أصبحتم مسمنين معطشين إذا عطشت إبلهم أو سمنت.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب