الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾ أَيْ عَلَامَةً أَعْلَمُ بِهَا وَقْتَ حَمْلِ امْرَأَتِي فَأَزِيدُ فِي الْعِبَادَةِ شُكْرًا لَكَ ﴿قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ﴾ تَكُفَّ عَنِ الْكَلَامِ ﴿ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ﴾ وَتُقْبِلَ بِكُلِّيَّتِكَ عَلَى عِبَادَتِي، لَا أَنَّهُ حَبَسَ لِسَانَهُ عَنِ الْكَلَامِ، وَلَكِنَّهُ نَهْيٌ عَنِ الْكَلَامِ وَهُوَ صَحِيحٌ سَوِيٌّ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ الْآيَةَ (١٠) ﴿أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ فَأَمَرَهُ بِالذِّكْرِ وَنَهَاهُ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: عَقَلَ لِسَانَهُ عَنِ الْكَلَامِ مَعَ النَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَالَ قَتَادَةُ: أَمْسَكَ لِسَانَهُ عَنِ الْكَلَامِ عُقُوبَةً لَهُ لِسُؤَالِهِ الْآيَةَ بَعْدَ مُشَافَهَةِ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَوْلُهُ ﴿إِلَّا رَمْزًا﴾ أَيْ إِشَارَةً، وَالْإِشَارَةُ قَدْ تَكُونُ بِاللِّسَانِ وَبِالْعَيْنِ وَبِالْيَدِ، وَكَانَتْ إِشَارَتُهُ بِالْإِصْبَعِ الْمُسَبِّحَةِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَدْ يَكُونُ الرَّمْزُ بِاللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ، وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ أَشْبَهَ الْهَمْسَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: أَرَادَ بِهِ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا صَامُوا لَمْ يَتَكَلَّمُوا إِلَّا رَمْزًا ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالتَّسْبِيحِ الصَّلَاةُ، وَالْعَشِيُّ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَمِنْهُ سُمِّيَ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ، وَالْإِبْكَارُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى الضُّحَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ﴾ يَعْنِي جِبْرِيلَ ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ﴾ اخْتَارَكِ ﴿وَطَهَّرَكِ﴾ قِيلَ مِنْ مَسِيسِ الرِّجَالِ وَقِيلَ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، قَالَ السُّدِّيُّ: كَانَتْ مَرْيَمُ لَا تَحِيضُ، وَقِيلَ: مِنَ الذُّنُوبِ ﴿وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾ قِيلَ: عَلَى عَالَمِي زَمَانِهَا وَقِيلَ: عَلَى جَمِيعِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ فِي أَنَّهَا وَلَدَتْ بِلَا أَبٍ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ، وَقِيلَ: بِالتَّحْرِيرِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ تُحَرَّرْ أُنْثَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ رَجَاءٍ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: " خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " [[أخرجه البخاري في الأنبياء. باب: وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ٦ / ٤٧٠. ومسلم في فضائل الصحابة. باب: فضائل خديجة أم المؤمنين برقم (٢٤٣٠) ٤ / ١٨٨٦. والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ١٥٦.]] وَرَوَاهُ وَكِيعٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَأَشَارَ وَكِيعٌ إِلَى السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا آدَمُ، أَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ وَآسِيَةَ امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ" [[أخرجه البخاري في الأنبياء باب قول الله تعالى (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون. . إلى قوله وكانت من القانتين) : ٦ / ٤٤٦ وفي باب قوله تعالى: (إذ قالت الملائكة يا مريم. .) ٦ / ٤٧٢. ومسلم في فضائل الصحابة. باب: فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها برقم (٢٤٣٠) ٤ / ١٨٨٦. والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ١٦٣.]] . أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْبَزَّارُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الدِّيرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ﷺ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ" [[أخرجه الترمذي في المناقب: باب: فضل خديجة رضي الله عنها ١٠ / ٣٨٩ وقال: هذا حديث صحيح والإمام أحمد في المسند عن أنس: ٣ / ١٣٥ وفي كتاب فضائل الصحابة ٢ / ٧٥٥. وابن حبان: ص (٥٤٩) من موارد الظمآن والحاكم: ٣ / ١٥٧ وصححه ووافقه الذهبي. وأبو نعيم في الحلية. ٢ / ٣٤٤ وعزاه الهيتمي للطبراني في الأوسط وقال: فيه سليمان الشاذكوني وهو ضعيف: انظر مجمع الزوائد: ٩ / ٢٢٣. والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ١٥٧ والحديث صحيح.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب