الباحث القرآني

قَوْلُهُ: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا﴾ الْآيَةَ قَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ ﴿لَا تَحْسَبَنَّ﴾ بِالتَّاءِ، أَيْ: لَا تَحْسَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ الْفَارِحِينَ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ "لَا يَحْسَبَنَّ" الْفَارِحُونَ فَرَحَهُمْ مُنْجِيًا لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ ﴿فَلَا يَحْسَبَنَّهُمْ﴾ وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو: بِالْيَاءِ وَضَمِّ الْبَاءِ خَبَرًا عَنِ الْفَارِحِينَ، أَيْ فَلَا يَحْسَبُنَّ أَنْفُسَهُمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ: فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ يَا مُحَمَّدُ وَأَعَادَ قَوْلَهُ ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ﴾ تَأْكِيدًا وَفِي حَرْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ﴾ غَيْرِ تَكْرَارٍ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُلَيْحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سعيد الخدري ٧٦/أأَنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانُوا إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا﴾ [[أخرجه البخاري في التفسير تفسير سورة آل عمران باب "لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا" ٨ / ٢٣٣ ومسلم في صفات المنافقين وأحكامهم برقم (٢٧٧٧) : ٤ / ٢١٤٢.]] الْآيَةَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَنَا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقُلْ لَهُ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ ﷺ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ فَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتُحْمِدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: ﴿يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ [[أخرجه البخاري في الموضع السابق نفسه ومسلم في الموضع نفسه برقم (٢٧٧٨) .]] . قَالَ عِكْرِمَةُ: نَزَلَتْ فِي فِنْحَاصَ وَأَشْيَعَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَحْبَارِ يَفْرَحُونَ بِإِضْلَالِهِمُ النَّاسَ وَبِنِسْبَةِ النَّاسِ إِيَّاهُمْ إِلَى الْعِلْمِ وَلَيْسُوا بِأَهْلِ الْعِلْمِ [[تفسير الطبري: ٧ / ٤٦٦.]] . وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمُ الْيَهُودُ فَرِحُوا بِإِعْجَابِ النَّاسِ بِتَبْدِيلِهِمُ الْكِتَابَ وَحَمْدِهِمْ إِيَّاهُمْ عَلَيْهِ [[تفسير الطبري: ٧ / ٤٦٩.]] . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُمُ الْيَهُودُ فَرِحُوا بِمَا أَعْطَى اللَّهُ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَهُمْ بُرَآءُ مِنْ ذَلِكَ [[تفسير الطبري: ٧ / ٤٦٩.]] . وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: أَتَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: نَحْنُ نَعْرِفُكَ وَنُصَدِّقُكَ وَإِنَّا عَلَى رَأْيِكُمْ وَنَحْنُ لَكُمْ رِدْءٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ: مَا صَنَعْتُمْ؟ قَالُوا: عَرَفْنَاهُ وَصَدَّقْنَاهُ فَقَالَ لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ: أَحْسَنْتُمْ هَكَذَا فَافْعَلُوا فَحَمِدُوهُمْ وَدَعَوْا لَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ [[الطبري: ٧ / ٤٧١. وقد رجح الطبري أن المعني بهم أهل الكتاب الذين أخبر الله عز وجل أنه أخذ ميثاقهم ليبين للناس: أمر محمد ﷺ ولا يكتمونه. انظر ص ٤٧١ - ٤٧٢ منه.]] وَقَالَ: ﴿يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا﴾ قَالَ الْفَرَّاءُ بِمَا فَعَلُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾ [مريم: ٢٧] أَيْ: فَعَلْتِ، ﴿وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ﴾ بِمَنْجَاةٍ، ﴿مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب