الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ قِيلَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي نَصَارَى نَجْرَانَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: قَدِمَ حَبْرَانِ مِنْ أَحْبَارِ الشَّامِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَلَمَّا أَبْصَرَا الْمَدِينَةَ قَالَ: أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْمَدِينَةَ بِصِفَةِ مَدِينَةِ النَّبِيِّ ﷺ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ؟ فَلَمَّا دَخَلَا عَلَيْهِ عَرَفَاهُ بِالصِّفَةِ، فَقَالَا لَهُ: أَنْتَ مُحَمَّدٌ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَا لَهُ: وَأَنْتَ أَحْمَدُ؟ قَالَ: "أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ" قَالَا لَهُ: فَإِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَإِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهِ آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ، فَقَالَ اسْأَلَا فَقَالَا أَخْبِرْنَا عَنْ أَعْظَمِ شَهَادَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، فَأَسْلَمَ الرَّجُلَانِ [[انظر: البحر المحيط لأبي حيان: ٢ / ٤٠١ - ٤٠٢ والحديث من رواية الكلبي وهو متهم بالكذب. وانظر فيما سيأتي تفسير الآية (٢٣) وأسباب النزول للواحدي ص (١٣٠) .]] . قَوْلُهُ ﴿شَهِدَ اللَّهُ﴾ أَيْ بَيَّنَ اللَّهُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُبَيِّنُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حَكَمَ اللَّهُ [وَقِيلَ: عَلِمَ اللَّهُ] [[ساقط من "ب".]] وَقِيلَ: أَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ، وَخَلَقَ الْأَرْزَاقَ قَبْلَ الْأَرْوَاحِ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ، فَشَهِدَ بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ كَانَ وَلَمْ تَكُنْ سَمَاءٌ وَلَا أَرْضٌ وَلَا بَرٌّ وَلَا بَحْرٌ [[للعلماء في هذه المسألة قولان: فمنهم من قال بأن الله خلق الأرواح أولا، ومنهم من قال بأن الله تعالى خلق الأجساد أولا ولكل من الفريقين أدلة استدل بها على قوله. انظر: الروح لابن القيم ص (١٥٦ - ١٧٥) .]] فَقَالَ: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ﴾ أَيْ وَشَهِدَتِ الْمَلَائِكَةُ قِيلَ: مَعْنَى شَهَادَةِ اللَّهِ الْإِخْبَارُ وَالْإِعْلَامُ، وَمَعْنَى شَهَادَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ الْإِقْرَارُ. قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَأُولُو الْعِلْمِ﴾ يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ يَعْنِي: الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَقَالَ مُقَاتِلٌ: عُلَمَاءُ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَأَصْحَابُهُ. قَالَ السُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ: يَعْنِي جَمِيعَ عُلَمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ. ﴿قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ أَيْ بِالْعَدْلِ. وَنَظْمُ هَذِهِ الْآيَةِ شَهِدَ اللَّهُ قَائِمًا بِالْقِسْطِ، نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: نَصْبٌ عَلَى الْقَطْعِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ ﴿قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ أَيْ قَائِمًا بِتَدْبِيرِ الْخَلْقِ كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ قَائِمٌ بِأَمْرِ فُلَانٍ، أَيْ مُدَبِّرٌ لَهُ وَمُتَعَهِّدٌ لِأَسْبَابِهِ، وَقَائِمٌ بِحَقِّ فُلَانٍ أَيْ مُجَازٍ لَهُ فَاللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ مُدَبِّرٌ رَازِقٌ مُجَازٍ بِالْأَعْمَالِ. ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب