الباحث القرآني
﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أَيْ: يُطَهِّرَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ، ﴿وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ يُفْنِيهِمْ وَيُهْلِكُهُمْ مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ إِنْ قَتَلُوكُمْ فَهُوَ تَطْهِيرٌ لَكُمْ، وَإِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ فَهُوَ مَحْقُهُمْ وَاسْتِئْصَالُهُمْ.
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) ﴾
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾ أَحَسِبْتُمْ؟ ﴿أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ﴾ [أَيْ: وَلَمْ يَعْلَمِ اللَّهُ] [[زيادة من (ب) .]] ﴿الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾
﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَمَنَّوْا يَوْمًا كَيَوْمِ بَدْرٍ لِيُقَاتِلُوا وَيُسْتَشْهَدُوا فَأَرَاهُمُ اللَّهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَقَوْلُهُ ﴿تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ﴾ أَيْ: سَبَبَ الْمَوْتِ وَهُوَ الْجِهَادُ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ، ﴿فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ﴾ يَعْنِي: أَسْبَابَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ﴾ قِيلَ: ذَكَرَهُ تَأْكِيدًا وَقِيلَ: الرُّؤْيَةُ قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، فَقَالَ: ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ لِيَعْلَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ النَّظَرُ، وَقِيلَ: وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَى مُحَمَّدٍ ﷺ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ قَالَ أَصْحَابُ الْمُغَازِي [[انظر: سيرة ابن هشام ٢ / ١٢٧ وما بعدها مع الروض الأنف طبقات ابن سعد: ٢ / ٣٦ وما بعدها.]] خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى نَزَلَ بِالشِّعْبِ مِنْ أُحُدٍ فِي سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ، وَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ وَهُوَ أَخُو خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عَلَى الرَّجَّالَةِ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا وَقَالَ: أَقِيمُوا بِأَصْلِ الْجَبَلِ وَانْضَحُوا عَنَّا بِالنَّبْلِ لَا يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا، فَإِنْ كَانَتْ لَنَا أَوْ عَلَيْنَا فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ فَإِنَّا لَنْ نَزَالَ غَالِبِينَ مَا ثَبَتُّمْ مَكَانَكُمْ فَجَاءَتْ قُرَيْشٌ وَعَلَى مَيْمَنَتِهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَلَى مَيْسَرَتِهِمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَمَعَهُمُ النِّسَاءُ يَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ وَيَقُلْنَ الْأَشْعَارَ فَقَاتَلُوا حَتَّى حَمِيَتِ الْحَرْبُ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَيْفًا فَقَالَ مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ وَيَضْرِبُ بِهِ الْعَدُوَّ حَتَّى يُثْخِنَ، فَأَخَذَهُ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ [[في "أ": حرب وانظر: أسد الغابة: ٢ / ٤٥١.]] الْأَنْصَارِيُّ فَلَمَّا أَخْذَهُ اعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ حَمْرَاءَ وَجَعَلَ يَتَبَخْتَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّهَا لَمِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ" فَفَلَقَ بِهِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ وَحَمَلَ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَهَزَمُوهُمْ.
وَرُوِّينَا عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ قَدْ بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ وَأَسْوُقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْغَنِيمَةَ وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: فَرَأَيْتُ هِنْدًا وَصَوَاحِبَاتِهَا هَارِبَاتٍ مُصَعِّدَاتٍ فِي الْجَبَلِ، بَادِيَاتٌ خُدَّامُهُنَّ مَا دُونَ أَخْذِهِنَّ شَيْءٌ فَلَمَّا نَظَرَتِ الرُّمَاةُ إِلَى الْقَوْمِ قَدِ انْكَشَفُوا وَرَأَوْا أَصْحَابَهُمْ يَنْتَهِبُونَ الْغَنِيمَةَ أَقْبَلُوا يُرِيدُونَ النَّهْبَ.
فَلَمَّا رَأَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قِلَّةَ الرُّمَاةِ وَاشْتِغَالَ الْمُسْلِمِينَ بِالْغَنِيمَةِ، وَرَأَى ظُهُورَهُمْ خَالِيَةً صَاحَ فِي خَيْلِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ خَلْفِهِمْ فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ، وَرَمَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَمِئَةَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِحَجَرٍ [[في "أ" بالحجر.]] فَكَسَرَ أَنْفَهُ وَرَبَاعِيَتَهُ وَشَجَّهُ فِي وَجْهِهِ فَأَثْقَلَهُ وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى صَخْرَةٍ يَعْلُوهَا، وَكَانَ قَدْ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَجَلَسَ تَحْتَهُ طَلْحَةُ فَنَهَضَ حَتَّى اسْتَوَى عَلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَوْجَبَ طَلْحَةُ" [[أي عمل عملا أوجب له الجنة.]] وَوَقَعَتْ هِنْدٌ وَالنِّسْوَةُ مَعَهَا يُمَثِّلْنَ بِالْقَتْلَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَجْدَعْنَ الْآذَانَ وَالْأُنُوفَ حَتَّى اتَّخَذَتْ هِنْدٌ مِنْ ذَلِكَ قَلَائِدَ، وَأَعْطَتْهَا وَحَشِيًّا وَبَقَرَتْ عَنْ كَبِدَةِ حَمْزَةَ وَلَاكَتْهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُسِيغَهَا فَلَفَظَتْهَا، وَأَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَمِئَةَ يُرِيدُ قَتْلَ النَّبِيِّ ﷺ فَذَبَّ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ -وَهُوَ صَاحِبُ رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ -عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَتَلَهُ ابْنُ قَمِئَةَ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَتَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَرَجَعَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ: إِنِّي قَتَلْتُ مُحَمَّدًا وَصَاحَ صَارِخٌ أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، وَيُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ الصَّارِخَ كَانَ إِبْلِيسَ، فَانْكَفَأَ النَّاسُ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُو النَّاسَ: "إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ ﴿إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ﴾ [[زيادة من "ب".]] فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ رَجُلًا فَحَمَوْهُ حَتَّى كَشَفُوا عَنْهُ الْمُشْرِكِينَ وَرَمَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حَتَّى انْدَقَّتْ سِيَةُ قَوْسِهِ وَنَثَلَ [[في "أ": (نار) .]] لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كِنَانَتَهُ، وَقَالَ لَهُ: ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رجلا راميًا شديدا النَّزْعِ كَسَرَ يَوْمَئِذٍ [[في "أ": يوم أحد.]] قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ بِجَعْبَةٍ مِنَ النَّبْلِ فَيَقُولُ: انْثُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ إِذَا رَمَى أَشْرَفَ النَّبِيُّ ﷺ فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ نَبْلِهِ وَأُصِيبَتْ يَدُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَيَبِسَتْ حِينَ وَقَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأُصِيبَتْ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ يَوْمَئِذٍ حِينَ وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَرَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَانَهَا، فَعَادَتْ كَأَحْسَنِ مَا كَانَتْ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَدْرَكَهُ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، وَهُوَ يَقُولُ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَوْتَ فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا يَعْطِفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَّا؟ فَقَالَ ﷺ: دَعُوهُ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُ وَكَانَ أُبَيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ يَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَيَقُولُ: عِنْدِي رَمْكَةٌ أَعْلِفُهَا كُلَّ يَوْمٍ فَرْقَ ذُرَةٍ أَقْتُلُكَ عَلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ تَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْحَرْبَةَ مِنَ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُ فَطَعَنَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَدَشَهُ خَدْشَةً فَتَدَهْدَأَ عَنْ فَرَسِهِ وَهُوَ يَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ، وَيَقُولُ: قَتَلَنِي مُحَمَّدٌ، فَأَخَذَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا: لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ قَالَ: بَلَى لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الطَّعْنَةُ بِرَبِيعَةَ وَمُضَرَ لَقَتَلَتْهُمْ، أَلَيْسَ قَالَ لِي: أَقْتُلُكَ؟ فَلَوْ بَزَقَ عَلَيَّ بَعْدَ تِلْكَ الْمَقَالَةِ لَقَتَلَنِي، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَوْمًا حَتَّى مَاتَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ سَرِفَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قتله نبي ٧٠/ب وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ [[أخرجه البخاري في المغازي باب ما أصاب النبي ﷺ من الجراح يوم أحد: ٧ / ٣٧٢.]] .
قَالُوا: وَفَشَا فِي النَّاسِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: لَيْتَ لَنَا رَسُولًا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَيَأْخُذُ لَنَا أَمَانًا مِنْ أَبِي سُفْيَانَ، وَبَعْضُ الصَّحَابَةِ جَلَسُوا وَأَلْقَوْا بِأَيْدِيهِمْ، وَقَالَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ: إِنْ كَانَ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَالْحَقُوا بِدِينِكُمُ الْأَوَّلِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: يَا قَوْمُ إِنْ كَانَ قُتِلَ مُحَمَّدٌ فَإِنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ وَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَاتِلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ، ثُمَّ شَدَّ بِسَيْفِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ انْطَلَقَ إِلَى الصَّخْرَةِ وَهُوَ يَدْعُو النَّاسَ فَأَوَّلُ مَنْ عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ عَرَفْتُ عَيْنَيْهِ تَحْتَ الْمِغْفَرِ تُزْهِرَانِ فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَبْشِرُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنِ اسْكُتْ فَانْحَازَتْ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَامَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الْفِرَارِ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، أَتَانَا الْخَبَرُ بِأَنَّكَ قَدْ قُتِلْتَ فَرُعِبَتْ قُلُوبُنَا فَوَلَّيْنَا مُدْبِرِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ [[أخرجه ابن إسحاق في السيرة من طريق جعفر بن عبد الله بن أسلم مولى عمر بن الخطاب عن رجل من الأنصار من بني سلمة. . سيرة ابن هشام: ٢ / ١٢٧ - ١٣٢ وانظر: الاكتفاء للكلاعي: ٢ / ٩٠ وما بعدها أسباب النزول للواحدي ص (١٥٨) الكافي الشاف لابن حجر ص (٣٢ - ٣٣) .]] ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾
وَمُحَمَّدٌ هُوَ الْمُسْتَغْرِقُ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ، لِأَنَّ الْحَمْدَ لَا يَسْتَوْجِبُهُ إِلَّا الْكَامِلُ وَالتَّحْمِيدُ فَوْقَ الْحَمْدِ، فَلَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْأَمْرِ فِي الْكَمَالِ، وَأَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَصَفِيَّهُ بِاسْمَيْنِ مُشْتَقَّيْنِ مِنَ اسْمِهِ جَلَّ جَلَالُهُ (مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ) وَفِيهِ يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ عَبْدَهُ ... بِبُرْهَانِهِ وَاللَّهُ أَعْلَى وَأَمْجَدُ
وَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ ... فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ رَجَعْتُمْ إِلَى دِينِكُمُ الْأَوَّلِ، ﴿وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىعَقِبَيْهِ﴾ فَيَرْتَدَّ عَنْ دِينِهِ، ﴿فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا﴾ بِارْتِدَادِهِ وَإِنَّمَا يَضُرُّ نَفْسَهُ، ﴿وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾
{"ayahs_start":141,"ayahs":["وَلِیُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَمۡحَقَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ","أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا یَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ جَـٰهَدُوا۟ مِنكُمۡ وَیَعۡلَمَ ٱلصَّـٰبِرِینَ","وَلَقَدۡ كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ مِن قَبۡلِ أَن تَلۡقَوۡهُ فَقَدۡ رَأَیۡتُمُوهُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ","وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِی۟ن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡۚ وَمَن یَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۗ وَسَیَجۡزِی ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِینَ"],"ayah":"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِی۟ن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡۚ وَمَن یَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۗ وَسَیَجۡزِی ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق