الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ﴾ [أَيْ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ] [[ساقط من "أ".]] ، ﴿بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا﴾ أَيْ: فِي مَعِيشَتِهَا، أَيْ: أَشَرَّتْ وَطَغَتْ، قَالَ عَطَاءٌ: عَاشُوا فِي الْبَطَرِ فَأَكَلُوا رِزْقَ اللَّهِ وَعَبَدُوا الْأَصْنَامَ، ﴿فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمْ يَسْكُنْهَا إِلَّا الْمُسَافِرُونَ وَمَارُّ الطَّرِيقِ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً، مَعْنَاهُ: لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا سُكُونًا قَلِيلًا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَمْ يُعَمَّرْ مِنْهَا إِلَّا أَقَلُّهَا وَأَكْثَرُهَا خَرَابٌ، ﴿وَكُنَّا نَحْنُ، الْوَارِثِينَ﴾ "إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا" [مريم: ٤٠] . ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى﴾ أي: القرى الكافر أَهْلُهَا، ﴿حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا﴾ يَعْنِي: فِي أَكْبَرِهَا وَأَعْظَمِهَا رَسُولًا يُنْذِرُهُمْ، وَخَصَّ الْأَعْظَمَ بِبَعْثَةِ الرَّسُولِ فِيهَا، لِأَنَّ الرَّسُولَ يُبْعَثُ إِلَى الْأَشْرَافِ، وَالْأَشْرَافُ يَسْكُنُونَ الْمَدَائِنَ، وَالْمَوَاضِعَ الَّتِي هِيَ أُمُّ مَا حَوْلَهَا، ﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾ قَالَ مُقَاتِلٌ: يُخْبِرُهُمُ الرَّسُولُ أَنَّ الْعَذَابَ نَازِلٌ بِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا، ﴿وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ مُشْرِكُونَ، يُرِيدُ: أَهْلَكْتُهُمْ بِظُلْمِهِمْ. ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا﴾ تَتَمَتَّعُونَ بِهَا أَيَّامَ حَيَاتِكُمْ ثُمَّ هِيَ إِلَى فَنَاءٍ وَانْقِضَاءٍ، ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ أَنَّ الْبَاقِيَ خَيْرٌ مِنَ الْفَانِي. قَرَأَ عَامَّةُ الْقُرَّاءِ: "تَعْقِلُونَ" بِالتَّاءِ وَأَبُو عَمْرٍو بِالْخِيَارِ بَيْنَ التَّاءِ وَالْيَاءِ. ﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا﴾ أَيِ الْجَنَّةَ ﴿فَهُوَ لَاقِيهِ﴾ مُصِيبُهُ وَمُدْرِكُهُ وَصَائِرٌ إِلَيْهُ ﴿كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ وَيَزُولُ عَنْ قَرِيبٍ ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ النَّارَ، قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ، قَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي جَهْلٍ [[أخرجه الطبري: ٢٠ / ٩٧، وذكره الواحدي في الأسباب ص (٣٩١) دون سند ولم ينسبه لأحد، المحرر الوجيز: ١٢ / ١٧٨.]] . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: نَزَلَتْ فِي حَمْزَةَ وَعْلَيٍّ، وَأَبِي جَهْلٍ [[أخرجه الطبري: ٢٠ / ٩٧، والواحدي (٣٩١) عن مجاهد.]] . وَقَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي عَمَّارٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ [[أسباب النزول للواحدي ص (٣٩١) . ونقل القرطبي عن القشيري قال: والصحيح أنها نزلت في المؤمن والكافر على التعميم. وقال الثعلبي: وبالجملة فإنها نزلت في كل كافر متع في الدنيا بالعافية والغنى، وله في الآخرة النار، وفي كل مؤمن صبر على بلاء الدنيا ثقة بوعد الله، وله في الآخرة الجنة". تفسير القرطبي: ١٣ / ٣٠٣. وكذلك ذهب ابن كثير (٣ / ٣٩٧) إلى أنها عامة، وهذا كقوله تعالى إخبارا عن ذلك المؤمن حين أشرف على صاحبه وهو في الدرجات، وذاك في الدركات فقال: "ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين" وقال تعالى: "ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون".]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب