الباحث القرآني

﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ﴾ أُخْبِرُكُمْ، ﴿عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ﴾ هَذَا جَوَابُ قَوْلِهِمْ: تَنَزَّلَ عَلَيْهِ شَيْطَانٌ، ثُمَّ بَيَّنَ فَقَالَ: ﴿تَنَزَّلُ﴾ أَيْ: تَتَنَزَّلُ، ﴿عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ﴾ كَذَّابٍ، ﴿أَثِيمٍ﴾ فَاجِرٍ، قَالَ قَتَادَةُ: هُمُ الْكَهَنَةُ، يَسْتَرِقُ الْجِنُّ السَّمْعَ ثُمَّ يُلْقُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ مِنَ الْإِنْسِ. وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ ﴿يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ أَيْ: يَسْتَمِعُونَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسْتَقِرِّينَ، فَيُلْقُونَ إِلَى الْكَهَنَةِ، ﴿وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ لِأَنَّهُمْ يَخْلِطُونَ بِهِ كَذِبًا كَثِيرًا. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: أَرَادَ شُعَرَاءَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانُوا يَهْجُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَذَكَرَ مُقَاتِلٌ أَسْمَاءَهُمْ، فَقَالَ: مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيُّ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ الْمَخْزُومِيُّ، وَمُشَافِعُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ. وَأَبُو عَزَّةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيُّ، وَأُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيُّ، تَكَلَّمُوا بِالْكَذِبِ وَبِالْبَاطِلِ، وَقَالُوا: نَحْنُ نَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ. وَقَالُوا الشِّعْرَ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِمْ غُوَاةٌ مِنْ قَوْمِهِمْ يَسْتَمِعُونَ أَشْعَارَهُمْ حِينَ يَهْجُونَ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ، وَيَرْوُونَ عَنْهُمْ وَذَلِكَ [[انظر: زاد المسير: ٦ / ١٥٠.]] . قَوْلُهُ: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ هم الرواة الذين يروون هجاء [النبي ﷺ و [[ما بين القوسين ساقط من "أ".]] المسلمين. وقال قتادة ومجاهد: الغاوون هم الشياطين. وقال الضحاك: تهاجى رجلان على عهد رسول الله ﷺ أحدهما من الأنصار والآخر من قَوْمٍ آخَرِينَ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غُوَاةٌ مِنْ قَوْمِهِ، وَهُمُ السُّفَهَاءُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَهِيَ رِوَايَةُ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [[الطبري: ١٩ / ١٢٧، وعزاه السيوطي أيضا لابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس.]] . ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ﴾ [مِنْ أَوْدِيَةِ الْكَلَامِ] [[ما بين القوسين ساقط من "أ".]] ﴿يَهِيمُونَ﴾ جَائِرُونَ وَعَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ حَائِدُونَ، وَالْهَائِمُ: الذَّاهِبُ عَلَى وَجْهِهِ لَا مَقْصِدَ لَهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ: فِي كُلِّ لَغْوٍ يَخُوضُونَ [[أخرجه البخاري في الأدب، باب ما يجوز من الشعر: ١٠ / ٥٣٧ تعليقا ووصله الطبري: ١٩ / ١٢٨.]] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فِي كُلِّ فَنٍّ يَفْتِنُونَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: يَمْدَحُونَ بِالْبَاطِلِ وَيَسْتَمِعُونَ وَيَهْجُونَ بِالْبَاطِلِ [[الطبري: ١٩ / ١٢٨.]] فَالْوَادِي مَثَلٌ لِفُنُونِ الْكَلَامِ، كَمَا يُقَالُ: أَنَا فِي وَادٍ وَأَنْتَ فِي وَادٍ. وَقِيلَ: "فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ" أَيْ: عَلَى كُلِّ حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ يَصُوغُونَ الْقَوَافِيَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب