﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا﴾ لَمْ يَقَعُوا وَلَمْ يَسْقُطُوا، ﴿عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ كَأَنَّهُمْ صُمٌّ عُمْيٌ، بَلْ يَسْمَعُونَ مَا يُذَكَّرُونَ بِهِ فَيَفْهَمُونَهُ وَيَرَوْنَ الْحَقَّ فِيهِ فَيَتَّبِعُونَهُ. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ [[انظر: القرطين لابن مطرف: ٢ / ٥١-٥٢.]] لَمْ يَتَغَافَلُوا عَنْهَا، كَأَنَّهُمْ صُمٌّ لَمْ يَسْمَعُوهَا وَعُمْيٌ لَمْ يَرَوْهَا.
﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا﴾ قَرَأَ بِغَيْرِ أَلِفٍ: أَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْأَلِفِ عَلَى الْجَمْعِ، ﴿قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ أَيْ: أَوْلَادًا أَبْرَارًا أَتْقِيَاءَ، يَقُولُونَ اجْعَلْهُمْ صَالِحِينَ فَتَقَرَّ أَعْيُنُنَا بِذَلِكَ. قَالَ الْقُرَظِيُّ: لَيْسَ شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَرَى زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ مُطِيعِينَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَوَحَّدَ الْقُرَّةَ لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ، وَأَصْلُهَا مِنَ الْبَرْدِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَتَأَذَّى مِنَ الْحَرِّ وَتَسْتَرْوِحُ إِلَى الْبَرْدِ، وَتُذْكَرُ قُرَّةُ الْعَيْنِ عِنْدَ السُّرُورِ، وَسُخْنَةُ الْعَيْنِ عِنْدَ الْحُزْنِ، وَيُقَالُ: دَمْعُ الْعَيْنِ عِنْدَ السُّرُورِ بَارِدٌ، وَعِنْدَ الْحُزْنِ حَارٌّ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: مَعْنَى قُرَّةِ الْأَعْيُنِ: أَنْ يُصَادِفَ قَلْبُهُ مَنْ يَرْضَاهُ، فَتَقَرُّ عَيْنُهُ بِهِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى غَيْرِهِ.
﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ أَيْ: أَئِمَّةً يَقْتَدُونَ فِي الْخَيْرِ بِنَا، وَلَمْ يَقُلْ: أَئِمَّةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٦] ، وَقِيلَ: أَرَادَ أَئِمَّةً كَقَوْلِهِ: "فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي" [الشعراء: ٧٧] ، أَيْ: أَعْدَاءٌ، وَيُقَالُ: أَمِيرُنَا هَؤُلَاءِ، أَيْ: أُمَرَاؤُنَا. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ كَالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، يُقَالُ: أَمَّ إِمَامًا، كَمَا يُقَالُ: قَامَ قِيَامًا، وَصَامَ صِيَامًا. قَالَ الْحَسَنُ: نَقْتَدِي بِالْمُتَّقِينَ وَيَقْتَدِي بِنَا الْمُتَّقُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اجْعَلْنَا أَئِمَّةً هُدَاةً، كَمَا قَالَ: "وجعلناهم أئمة يهتدون بِأَمْرِنَا" [السجدة: ٢٤] ، وَلَا تَجْعَلْنَا أَئِمَّةَ ضَلَالَةٍ كَمَا قَالَ: "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ" [القصص: ٤١] ، وَقِيلَ: هَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ، يَعْنِي: وَاجْعَلِ الْمُتَّقِينَ لَنَا إِمَامًا، وَاجْعَلْنَا مُؤْتَمِّينَ مُقْتَدِينَ بِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ.
{"ayahs_start":73,"ayahs":["وَٱلَّذِینَ إِذَا ذُكِّرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِمۡ لَمۡ یَخِرُّوا۟ عَلَیۡهَا صُمࣰّا وَعُمۡیَانࣰا","وَٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَ ٰجِنَا وَذُرِّیَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡیُنࣲ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِینَ إِمَامًا"],"ayah":"وَٱلَّذِینَ إِذَا ذُكِّرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِمۡ لَمۡ یَخِرُّوا۟ عَلَیۡهَا صُمࣰّا وَعُمۡیَانࣰا"}