الباحث القرآني

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ مَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا رَحِمْنَ الْيَمَامَةِ، يَعْنُونَ مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابَ، كَانُوا يُسَمُّونَهُ رَحْمَنَ الْيَمَامَةِ. ﴿أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ "يَأْمُرُنَا" بِالْيَاءِ، أَيْ: لِمَا يَأْمُرُنَا مُحَمَّدٌ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ، أَيْ: لِمَا تَأْمُرُنَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ، ﴿وَزَادَهُمْ﴾ يَعْنِي: زَادَهُمْ قَوْلُ الْقَائِلِ لَهُمْ: "اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ" ﴿نُفُورًا﴾ عَنِ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ. قَوْلُهُ عز وجل ٤٧/ب ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾ قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: "الْبُرُوجُ": هِيَ النُّجُومُ الْكِبَارُ، سُمِّيَتْ بُرُوجًا لِظُهُورِهَا، وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: "بُرُوجًا" أَيْ: قُصُورًا فِيهَا الْحَرَسُ [[ذكر القولين الطبري: ١٩ / ٢٩-٣٠، ورجح أن البروج هي قصور في السماء، لأن ذلك في كلام العرب، كما في قوله تعالى: "ولو كنتم في بروج مشيدة". وقول الأخطلكأنها برج رومي يشيده ... بان بجص وآجر وأحجار يعني بالبرج: القصر.]] كَمَا قَالَ: "وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ" [النساء: ٧٨] . وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ الْبُرُوجُ الِاثْنَا عَشْرَ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ السَّيَّارَةِ، وَهِيَ الْحَمَلُ، وَالثَّوْرُ، وَالْجَوْزَاءُ، وَالسَّرَطَانُ، وَالْأَسَدُ، وَالسُّنْبُلَةُ، وَالْمِيزَانُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْقَوْسُ، وَالْجَدْيُ، وَالدَّلْوُ، وَالْحُوتُ، فَالْحَمَلُ وَالْعَقْرَبُ بَيْتَا الْمِرِّيخِ، وَالثَّوْرُ وَالْمِيزَانُ بَيْتَا الزُّهَرَةِ، وَالْجَوْزَاءُ وَالسُّنْبُلَةُ بَيْتًا عُطَارِدِ، وَالسَّرَطَانُ بَيْتُ الْقَمَرِ، وَالْأَسَدُ بَيْتُ الشَّمْسِ، وَالْقَوْسُ وَالْحُوتُ بَيْتَا الْمُشْتَرَى، وَالْجَدْيُ وَالدَّلْوُ بَيْتَا زُحَلَ، وَهَذِهِ الْبُرُوجُ مَقْسُومَةٌ عَلَى الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ فَيَكُونُ نَصِيبُ كَلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثَلَاثَةَ بُرُوجٍ تُسَمَّى الْمُثَلَّثَاتُ، فَالْحَمَلُ وَالْأَسَدُ وَالْقَوْسُ مُثَلَّثَةٌ نَارِيَّةٌ، وَالثَّوْرُ وَالسُّنْبُلَةُ وَالْجَدْيُ مُثَلَّثَةٌ أَرْضِيَّةٌ، وَالْجَوْزَاءُ وَالْمِيزَانُ وَالدَّلْوُ مُثَلَّثَةٌ هَوَائِيَّةٌ، وَالسَّرَطَانُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحُوتُ مُثَلَّثَةٌ مَائِيَّةٌ. ﴿وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا﴾ يَعْنِي الشَّمْسَ، كَمَا قَالَ: "وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا" [نوح: ١٦] ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: "سُرُجًا" بِالْجَمْعِ، يَعْنِي النُّجُومَ. ﴿وَقَمَرًا مُنِيرًا﴾ وَالْقَمَرُ قَدْ دَخَلَ فِي "السُّرُجِ" عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِالْجَمْعِ، غَيْرَ أَنَّهُ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِنَوْعِ فَضِيلَةٍ، كما قال: "فيها فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ" [الرحمن: ٦٨] ، خَصَّ النَّخْلَ وَالرُّمَّانَ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهِمَا فِي الْفَاكِهَةِ. ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً﴾ اخْتَلَفُوا فِيهَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: يَعْنِي خَلَفًا وَعِوَضًا، يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ صَاحِبِهِ، فَمَنْ فَاتَهُ عَمَلُهُ فِي أَحَدِهِمَا قَضَاهُ فِي الْآخَرِ. قَالَ شَقِيقٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ فَاتَتْنِي الصَّلَاةُ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: أَدْرِكْ مَا فَاتَكَ مِنْ لَيْلَتِكَ فِي نَهَارِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَكَّرَ [[أخرجه الطبري: ١٩ / ٣٠، والجصاص في أحكام القرآن: ٥ / ٢١٢.]] . [قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي جَعْلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُخَالِفًا لِصَاحِبِهِ فَجَعَلَ هَذَا أَسْوَدُ وَهَذَا أَبْيَضُ [[الطبري: ١٩ / ٣١، الجصاص: ٥ / ٢١٢.]] . وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ] [[ما بين القوسين ساقط من "أ".]] يَعْنِي يَخْلُفُ أَحَدَهُمَا صَاحِبَهُ إِذَا ذَهَبَ أَحَدُهُمَا جَاءَ الْآخَرُ فَهُمَا يَتَعَاقَبَانِ فِي الضِّيَاءِ وَالظُّلْمَةِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ [[الطبري: ١٩ / ٣١، الجصاص: ٥ / ٢١٢.]] . ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ بِتَخْفِيفِ الذَّالِ وَالْكَافِ وَضَمِّهَا مِنَ الذِّكْرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِتَشْدِيدِهِمَا أَيْ: يَتَذَكَّرَ وَيَتَّعِظَ ﴿أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ: شُكْرَ نِعْمَةِ رَبِّهِ عَلَيْهِ فِيهِمَا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب