قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ﴾ بِالْقِيَامَةِ، ﴿وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا﴾ نَارًا مُسْتَعِرَةً.
﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ قَالَ الْكَلْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ: مِنْ مَسِيرَةِ عَامٍ. وَقِيلَ: مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ سَنَةٍ. وَقِيلَ: خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ. وَثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْنَ عَيْنَيْ جَهَنَّمَ مَقْعَدًا". قَالُوا: وَهَلْ لَهَا مِنْ عَيْنَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ أَلَمْ تَسْتَمِعُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [[عزاه السيوطي: ٦ / ٢٣٨ للطبراني وابن مردويه، وأخرجه الطبري بلفظ: "من يقول علي ما لم أقل.." ١٨ / ١٨٧.]] وَقِيلَ إِذَا رَأَتْهُمْ زَبَانِيَتُهَا.
﴿سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا﴾ غَلَيَانًا، كَالْغَضْبَانِ إِذَا غَلَى صَدْرُهُ مِنَ الْغَضَبِ.
﴿وَزَفِيرًا﴾ صَوْتًا. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسْمَعُ التَّغَيُّظَ؟ قِيلَ: مَعْنَاهُ رَأَوْا وَعَلِمُوا أَنَّ لَهَا تَغَيُّظًا وَسَمِعُوا لَهَا زَفِيرًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: وَرَأَيْتُ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا
أَيْ وَحَامِلًا رُمْحًا [[هذا أحد التخريجين، والثاني: تضمين "متقلدا" معنى "متسلحا"، فكذلك الآية، أي: سمعوا لها ورأوا تغيظا وزفيرا، أو ضمن معنى أدركوا، فيشمل التغيظ والزفير. انظر البحر المحيط: ٦ / ٤٨٥.]] . وَقِيلَ: سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا، أَيْ: صَوْتَ التَّغَيُّظِ مِنَ التَّلَهُّبِ وَالتَّوَقُّدِ، قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: تَزْفُرُ جَهَنَّمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَفْرَةً فَلَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلَّا خَرَّ لِوَجْهِهِ.
{"ayahs_start":11,"ayahs":["بَلۡ كَذَّبُوا۟ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِیرًا","إِذَا رَأَتۡهُم مِّن مَّكَانِۭ بَعِیدࣲ سَمِعُوا۟ لَهَا تَغَیُّظࣰا وَزَفِیرࣰا"],"ayah":"بَلۡ كَذَّبُوا۟ بِٱلسَّاعَةِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِیرًا"}