قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ، "خَالِقُ كُلِّ" بِالْإِضَافَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ "خَلَقَ كُلَّ" عَلَى الْفِعْلِ، ﴿مِنْ مَاءٍ﴾ يَعْنِي: مِنْ نُطْفَةٍ، وَأَرَادَ بِهِ كُلَّ حَيَوَانٍ يُشَاهَدُ فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ وَلَا الْجِنُّ، لِأَنَّا لَا نُشَاهِدُهُمْ. وَقِيلَ: أَصْلُ جَمِيعِ الْخَلْقِ مِنَ الْمَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ مَاءً ثُمَّ جَعَلَ بَعْضَهُ رِيحًا فَخَلَقَ مِنْهَا الْمَلَائِكَةَ، وَبَعْضَهُ نَارًا فَخَلَقَ مِنْهَا الْجِنَّ، وَبَعْضَهَا طِينًا فَخَلَقَ مِنْهَا آدَمَ، ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾ كَالْحَيَّاتِ وَالْحِيتَانِ وَالدِّيدَانِ، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ﴾ مِثْلُ بَنِي آدَمَ وَالطَّيْرِ، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ﴾ كَالْبَهَائِمِ وَالسِّبَاعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ مِثْلَ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ، لِأَنَّهَا فِي الصُّورَةِ كَالَّتِي يَمْشِي عَلَى الْأَرْبَعِ، وَإِنَّمَا قَالَ: "مَنْ يَمْشِي" وَ"مَنْ" إِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَنْ يَعْقِلُ دُونَ مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنَ الْحَيَّاتِ وَالْبَهَائِمِ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ كُلَّ دَابَّةٍ، فَدَخْلَ فِيهِ النَّاسُ وَغَيْرُهُمْ، وَإِذَا جَمَعَ اللَّفْظُ مَنْ يَعْقِلُ وَمَنْ لَا يَعْقِلُ تُجْعَلُ الْغَلَبَةُ لِمَنْ يَعْقِلُ.
﴿يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍقَدِيرٌ﴾ ﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا﴾ إِلَيْكَ، ﴿آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ، يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا﴾ يَعْنِي: الْمُنَافِقِينَ يَقُولُونَهُ، ﴿ثُمَّ يَتَوَلَّى﴾ يُعْرِضُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ﴿فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِك﴾ ٤٢/ب،، أَيْ: مِنْ بَعْدِ قَوْلِهِمْ: آمَنَّا وَيَدْعُو إِلَى غَيْرِ حُكْمِ اللَّهِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي بِشْرٍ الْمُنَافِقِ، كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: نَتَحَاكَمُ إِلَى مُحَمَّدٍ ﷺ، وَقَالَ الْمُنَافِقُ نَتَحَاكَمُ إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يَحِيفُ عَلَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ [[انظر: أسباب النزول للواحدي ص (٣٧٨) ، البحر المحيط: ٦ / ٤٦٧، القرطبي: ١٢ / ٢٩٣، وراجع فيما سبق: ٢ / ٢٤٢-٢٤٣. والقصة من رواية الكلبي وهو ضعيف.]]
{"ayahs_start":45,"ayahs":["وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَاۤبَّةࣲ مِّن مَّاۤءࣲۖ فَمِنۡهُم مَّن یَمۡشِی عَلَىٰ بَطۡنِهِۦ وَمِنۡهُم مَّن یَمۡشِی عَلَىٰ رِجۡلَیۡنِ وَمِنۡهُم مَّن یَمۡشِی عَلَىٰۤ أَرۡبَعࣲۚ یَخۡلُقُ ٱللَّهُ مَا یَشَاۤءُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ","لَّقَدۡ أَنزَلۡنَاۤ ءَایَـٰتࣲ مُّبَیِّنَـٰتࣲۚ وَٱللَّهُ یَهۡدِی مَن یَشَاۤءُ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","وَیَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعۡنَا ثُمَّ یَتَوَلَّىٰ فَرِیقࣱ مِّنۡهُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَ ٰلِكَۚ وَمَاۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ"],"ayah":"وَیَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعۡنَا ثُمَّ یَتَوَلَّىٰ فَرِیقࣱ مِّنۡهُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَ ٰلِكَۚ وَمَاۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}