الباحث القرآني

﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ﴾ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْمَصَائِبِ ﴿وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ﴾ أَيِ: الْمُقِيمِينَ لِلصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا، ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ يَتَصَدَّقُونَ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالْبُدْنَ﴾ جَمْعُ بَدَنَةٍ سُمِّيَتْ بَدَنَةً لِعِظَمِهَا وَضَخَامَتِهَا، يُرِيدُ: الْإِبِلَ الْعِظَامَ الصِّحَاحَ الْأَجْسَامِ، يُقَالُ بَدَنَ الرَّجُلُ بُدْنًا وَبَدَانَةً إِذَا ضَخُمَ، فَأَمَّا إِذَا أَسَنَّ وَاسْتَرْخَى يُقَالُ بَدَنَ تَبْدِينًا. قَالَ عَطَاءٌ وَالسُّدِّيُّ: الْبُدْنُ: الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ أَمَّا الْغَنَمُ فَلَا تُسَمَّى بَدَنَةً. ﴿جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ مِنْ أَعْلَامِ دِينِهِ، سُمِّيَتْ شَعَائِرَ لِأَنَّهَا تُشْعِرُ، وَهُوَ أَنْ تُطْعَنَ بِحَدِيدَةٍ فِي سَنَامِهَا فَيُعْلَمَ أَنَّهَا هَدْيٌ، ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ النَّفْعُ فِي الدُّنْيَا وَالْأَجْرُ فِي الْعُقْبَى، ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا﴾ عِنْدَ نَحْرِهَا، ﴿صَوَافَّ﴾ أَيْ: قِيَامًا عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ قَدْ صَفَّتْ رِجْلَيْهَا وَإِحْدَى يَدَيْهَا، وَيَدُهَا الْيُسْرَى مَعْقُولَةٌ فَيَنْحَرُهَا كَذَلِكَ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَةً يَنْحَرُهَا، قَالَ: ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ [[أخرجه البخاري في الحج، باب: نحر الإبل مقيدة: ٣ / ٥٥٣، ومسلم في الحج، باب: نحر البدن قياما مقيدة، برقم (١٣٢٠) ٢ / ٩٥٦، والمصنف في شرح السنة: ٧ / ١٩٨.]] . وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الصَّوَّافُ إِذَا عُقِلَتْ رِجْلُهَا الْيُسْرَى وَقَامَتْ عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "صَوَافِنَ" وَهِيَ أَنْ تُعْقَلَ مِنْهَا يَدٌ وَتُنْحَرَ عَلَى ثَلَاثٍ، وَهُوَ مِثْلُ صَوَافٍّ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: "صَوَافِي" بِالْيَاءِ أَيْ: صَافِيَةً خَالِصَةً لِلَّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ فِيهَا. ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ أَيْ: سَقَطَتْ بَعْدَ النَّحْرِ فَوَقَعَتْ جُنُوبُهَا عَلَى الْأَرْضِ. وَأَصِلُ الْوُجُوبِ: الْوُقُوعُ. يُقَالُ: وَجَبَتِ الشَّمْسُ إِذَا سَقَطَتْ لِلْمَغِيبِ، ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ أَمْرُ إِبَاحَةٍ، ﴿وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُمَا:. فَقَالَ عِكْرِمَةُ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ: "الْقَانِعُ" الْجَالِسُ فِي بَيْتِهِ الْمُتَعَفِّفُ يَقْنَعُ بِمَا يُعْطَى وَلَا يَسْأَلُ، وَ"الْمُعْتَرُّ" الَّذِي يَسْأَلُ. وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "الْقَانِعُ" الَّذِي لَا يَعْتَرِضُ وَلَا يَسْأَلُ، وَ"الْمُعْتَرُّ" الَّذِي يُرِيكَ نَفْسَهُ وَيَتَعَرَّضُ وَلَا يَسْأَلُ، فَعَلَى هَذَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ يَكُونُ "الْقَانِعُ": مِنَ الْقَنَاعَةِ، يُقَالُ: قَنِعَ قَنَاعَةً إِذَا رَضِيَ بِمَا قُسِمَ لَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَالْكَلْبِيُّ: "الْقَانِعُ": الَّذِي يَسْأَلُ، "وَالْمُعْتَرُّ": الَّذِي يَتَعَرَّضُ وَلَا يَسْأَلُ، فَيَكُونُ "الْقَانِعُ" مِنْ قَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعًا إِذَا سَأَلَ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: "وَالْمُعْتَرِي" وَهُوَ مِثْلُ الْمُعْتَرِّ، يُقَالُ: عَرَّهُ وَاعْتَرَّهُ وَعَرَّاهُ وَاعْتَرَاهُ إِذَا أَتَاهُ يَطْلُبُ مَعْرُوفَهُ، إِمَّا سُؤَالًا أَوْ تَعَرُّضًا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: "الْقَانِعُ": الْمِسْكِينُ، "وَالْمُعْتَرُّ": الَّذِي لَيْسَ بِمِسْكِينٍ، وَلَا يَكُونُ لَهُ ذَبِيحَةٌ يَجِيءُ إِلَى الْقَوْمِ فَيَتَعَرَّضُ لَهُمْ لِأَجْلِ لَحْمِهِمْ [[ذكر هذه الأقوال وغيرها الطبري: ١٧ / ١٦٧ - ١٧٠ ثم قال: (وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: عنى بالقانع: السائل، لأنه لو كان المعني بالقانع في هذا الموضع: المكتفي بما عنده، والمستغني به لقيل: وأطعموا القانع والسائل، ولم يقل: وأطعموا القانع والمعتر، وفي إتباع ذلك قوله: والمعتر، الدليل الواضح على أن القانع معني به السائل من قولهم: قنع فلان إلى فلان، بمعنى سأله وخضع إليه، فهو يقنع قنوعا، ومنه قول لبيد: وأعطاني المولى على حين فقره ... بنات إذا قال أبصر خلتي وقنوعي وأما القانع الذي هو بمعنى المكتفي، فإنه من قنعت، بكسر النون، أقنع قناعة، وقنوعا وقنعانا، وأما المعتر: فإنه الذي يأتيك معترا بك لتعطيه وتطعمه) .]] . ﴿كَذَلِكَ﴾ أَيْ: مِثْلُ مَا وَصَفْنَا مِنْ نَحْرِهَا قِيَامًا، ﴿سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ﴾ نِعْمَةً مِنَّا لِتَتَمَكَّنُوا مِنْ نَحْرِهَا، ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ لِكَيْ تَشْكُرُوا إِنْعَامَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب