الباحث القرآني

﴿وَلُوطًا آتَيْنَاهُ﴾ أَيْ: وَآتَيْنَا لُوطًا، وَقِيلَ: وَاذْكُرْ لُوطًا آتَيْنَاهُ، ﴿حُكْمًا﴾ يَعْنِي: الْفَصْلَ بَيْنَ الخصوم بالحق، ﴿وَعِلْمًا﴾ ﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ﴾ يعني: سدوما وَكَانَ أَهْلُهَا يَأْتُونَ الذُّكْرَانَ فِي أَدْبَارِهِمْ وَيَتَضَارَطُونَ فِي أَنْدِيَتِهِمْ مَعَ أَشْيَاءَ أُخَرَ، كَانُوا يَعْمَلُونَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ﴾ ﴿وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ . ﴿وَنُوحًا إِذْ نَادَى﴾ دَعَا، ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ أَيْ مِنْ قَبْلِ إِبْرَاهِيمَ وَلُوطٍ، ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنَ الْغَرَقِ وَتَكْذِيبِ قَوْمِهِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ أَطْوَلَ الْأَنْبِيَاءِ عُمْرًا وَأَشَدَّهُمْ بَلَاءً، وَالْكَرْبُ: أَشَدُّ الْغَمِّ [[ساقط من "ب".]] . ﴿وَنَصَرْنَاهُ﴾ مَنَعْنَاهُ، ﴿مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ بِسُوءٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةُ: أَيْ عَلَى الْقَوْمِ، ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾ اخْتَلَفُوا فِي الْحَرْثِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: كَانَ الْحَرْثُ كَرْمًا قَدْ تَدَلَّتْ عَنَاقِيدُهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ زَرْعًا، ﴿إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ﴾ أَيْ رَعَتْهُ لَيْلًا فَأَفْسَدَتْهُ، وَالنَّفْشُ: الرَّعْيُ بِاللَّيْلِ وَالْهَمَلُ بِالنَّهَارِ وَهُمَا الرَّعْيُ بِلَا رَاعٍ، ﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾ أَيْ: كَانَ ذَلِكَ بِعِلْمِنَا وَمَرْأَى مِنَّا لَا يَخْفَى عَلَيْنَا عِلْمُهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: جَمَعَ اثْنَيْنِ، فَقَالَ لِحُكْمِهِمْ وَهُوَ يُرِيدُ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمْعٌ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ (النِّسَاءِ: ١١) ، وَهُوَ يُرِيدُ أَخَوَيْنِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلَيْنِ دَخَلَا عَلَى دَاوُدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبُ حَرْثٍ وَالْآخَرُ صَاحِبُ غَنَمٍ، فَقَالَ صَاحِبُ الزَّرْعِ: إِنَّ هَذَا انْفَلَتَتْ غَنَمُهُ لَيْلًا وَوَقَعَتْ فِي حَرْثِي فَأَفْسَدَتْهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَأَعْطَاهُ دَاوُدُ رِقَابَ الْغَنَمِ بِالْحَرْثِ، فَخَرَجَا فَمَرَّا عَلَى سُلَيْمَانَ فَقَالَ: كَيْفَ قَضَى بَيْنَكُمَا فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ سُلَيْمَانُ: لَوْ وُلِّيتُ أَمْرَهُمَا لَقَضَيْتُ بِغَيْرِ هَذَا. وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ غَيْرُ هَذَا أَرْفَقُ بِالْفَرِيقَيْنِ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ دَاوُدُ فَدَعَاهُ فَقَالَ كَيْفَ تَقْضِي؟ وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ بِحَقِّ النُّبُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ إِلَّا أَخْبَرْتَنِي بِالَّذِي هُوَ أَرْفَقُ بِالْفَرِيقَيْنِ، قَالَ: ادْفَعِ الْغَنَمَ إِلَى صَاحِبِ الْحَرْثِ يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا وَمَنَافِعِهَا وَيَبْذُرُ صَاحِبُ الْغَنَمِ لِصَاحِبِ الْحَرْثِ مِثْلَ حَرْثِهِ، فَإِذَا صَارَ الْحَرْثُ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ أُكِلَ دُفِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَأَخَذَ صَاحِبُ الْغَنَمِ غَنَمَهُ، فَقَالَ دَاوُدُ الْقَضَاءُ مَا قَضَيْتَ وَحَكَمَ بِذَلِكَ [[أخرج هاتين الروايتين الطبري: ١٧ / ٥١ - ٥٤، وانظر: تفسير ابن كثير: ٣ / ١٨٧.]] . وَقِيلَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ يَوْمَ حَكَمَ كَانَ ابْنَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَمَّا حُكْمُ الْإِسْلَامِ [فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ] [[زيادة من "ب".]] أَنَّ مَا أَفْسَدَتِ الْمَاشِيَةُ الْمُرْسَلَةُ بِالنَّهَارِ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهَا، وَمَا أَفْسَدَتْ بِاللَّيْلِ ضَمِنَهُ رَبُّهَا لِأَنَّ فِي عُرْفِ النَّاسِ أَنَّ أَصْحَابَ الزَّرْعِ يَحْفَظُونَهُ بِالنَّهَارِ، وَالْمَوَاشِي تَسْرَحُ بِالنَّهَارِ وَتُرَدُّ بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَرَاحِ. أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرْخَسِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي شِهَابٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْهُ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَمَانُهُ عَلَى أَهْلِهَا، وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّ الْمَالِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا أَتْلَفَتْ مَاشِيَتُهُ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا [[أخرجه أبو داود في البيوع، باب: المواشي تفسد زرع قوم: ٥ / ٢٠٢، وعزاه المنذري للنسائي في الكبرى، وابن ماجه في الأحكام، باب: الحكم فيما أفسدت المواشي برقم (٢٣٣٣) ٢ / ٧٨١، ورواه الإمام مالك في الموطأ مرسلا: ٢ / ٧٤٧ - ٧٤٨، وأحمد: ٤ / ٢٩٥، وعبد الرزاق ١٠ / ٨٢، والبيهقي ٨ / ٣٤١ - ٣٤٢. قال: ابن عبد البر في التمهيد: ١١ / ٨١ - ٨٢، هكذا رواه جميع رواة الموطأ - فيما علمت - مرسلا، وكذلك رواه أصحاب ابن شهاب عن ابن شهاب مرسلا إلا أن ابن عيينة رواه عن الزهري عن سعيد بن المسيب وحرام بن سعد بن محيصة. . . ثم قال: هذا الحديث وإن كان مرسلا فهو حديث مشهور أرسله الأئمة وحدث به الثقات واستعمله فقهاء الحجاز وتلقوه بالقبول، وجرى في المدينة به العمل، وقد زعم الشافعي أنه تتبع مراسيل سعيد بن المسيب فألفاها صحاحا وأكثر الفقهاء يحتجون بها. وقال ابن التركماني في الجوهر النقي: ٨ / ٣٤٢ اضطرب إسناد هذا الحديث اضطرابا شديدا، واختلف فيه على الزهري على سبعة أوجه ذكرها ابن القطان.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب