الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ دَوَامَ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا، ﴿أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾ أَيْ أَفْهُمُ الْخَالِدُونَ إِنْ مِتَّ؟ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ حِينَ قَالُوا نَتَرَبَّصُ بِمُحَمَّدٍ رَيْبَ الْمَنُونِ [[ذكره صاحب زاد المسير: ٥ / ٣٥٠.]] . ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ﴾ نَخْتَبِرُكُمْ ﴿بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ﴾ بِالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَقِيلَ: بِمَا تُحِبُّونَ وَمَا تَكْرَهُونَ، ﴿فِتْنَةً﴾ ابْتِلَاءً لِنَنْظُرَ كَيْفَ شُكْرُكُمْ فِيمَا تُحِبُّونَ، وَصَبْرُكُمْ فِيمَا تَكْرَهُونَ، ﴿وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ﴾ [مَا يَتَّخِذُونَكَ] [[ساقط من "ب".]] ﴿إِلَّا هُزُوًا﴾ [سُخْرِيًّا] [[ساقط من "ب".]] قَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فَضَحِكَ، وَقَالَ: هَذَا نَبِيُّ بَنِي عَبْدِ منَافٍ [[عزاه السيوطي في الدر المنثور: ٥ / ٦٣٠ لابن أبي حاتم.]] ﴿أَهَذَا الَّذِي﴾ أَيْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَهَذَا الَّذِي، ﴿يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾ أَيْ يَعِيبُهَا، يُقَالُ: فُلَانٌ يَذْكُرُ فُلَانًا أَيْ يَعِيبُهُ، وَفُلَانٌ يَذْكُرُ اللَّهَ أَيْ يُعَظِّمُهُ وَيُجِلُّهُ، ﴿وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا مُسَيْلِمَةَ، ﴿وَهُمُ﴾ الثَّانِيَةُ صِلَةٌ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ أَنْ بِنْيَتَهُ وَخِلْقَتَهُ مِنَ الْعَجَلَةِ وَعَلَيْهَا طُبِعَ، كَمَا قَالَ: ﴿وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُولا﴾ ١٦/ب (الإِسْرَاءِ: ١١) . قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ: لَمَّا دَخَلَتِ الرُّوحُ فِي رَأْسِ آدَمَ وَعَيْنِهِ نَظَرَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ فَلَمَّا دَخَلَتْ جَوْفَهُ اشْتَهَى الطَّعَامَ، فَوَثَبَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الرُّوحُ إِلَى رِجْلَيْهِ عَجَلًا إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَوَقَعَ فَقِيلَ: "خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ"، وَالْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ آدَمُ وَأُورِثَ أَوْلَادُهُ الْعَجَلَةَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يُكْثُرُ مِنْهُ الشَّيْءُ: خُلِقْتَ مِنْهُ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: خُلِقْتَ فِي لَعِبٍ، وَخُلِقْتَ مِنْ غَضَبٍ، يُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي وَصْفِهِ بِذَلِكَ، يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾. وَقَالَ قَوْمُّ: مَعْنَاهُ خُلِقَ الْإِنْسَانُ يَعْنِي آدَمَ مِنْ تَعْجِيلٍ فِي خَلْقِ اللَّهِ إِيَّاهُ، لِأَنَّ خَلْقَهُ كَانَ بَعْدَ [خَلْقِ] [[زيادة من "ب".]] كُلِّ شَيْءٍ فِي آخِرِ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَسْرَعَ فِي خَلْقِهِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ. قَالَ مُجَاهِدُّ: فَلَمَّا أَحْيَا الرُّوحُ رَأْسَهُ قَالَ يَا رَبِّ اسْتَعْجِلْ بِخَلْقِي قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَقِيلَ: بِسُرْعَةٍ وَتَعْجِيلٍ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ خَلْقِ سَائِرِ الْآدَمِيِّينَ مِنَ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ وَغَيْرِهَا [[أورد هذه الأقوال الطبري: ١٧ / ٢٦ -٢٧ ثم قال: والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا الذين ذكرناه عمن قال معناه: خلق الإنسان من عجل في خلقه: أي على عجل وسرعة في ذلك، وإنما قيل ذلك كذلك، لأنه بودر بخلقه مغيب الشمس في آخر ساعة من نهار يوم الجمعة، وفي ذلك الوقت نفخ فيه الروح. وإنما قلنا أولى الأقوال التي ذكرناها في ذلك بالصواب، لدلالة قوله تعالى: (سأريكم آياتي فلا تستعجلون) على ذلك. وأن أبا كريب حدثنا قال: حدثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "إن في الجمعة لساعة يقللها، قال: لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا آتاه الله إياه" فقال عبد الله بن سلام: قد علمت أي ساعة هي، هي آخر ساعات النهار من يوم الجمعة، قال الله: (خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون) .]] . وَقَالَ قَوْمُّ: مِنْ عَجَلٍ، أَيْ: مِنْ طِينٍ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَالنَّبْعُ فِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ مُنْبِتَةٌ ... وَالنَّخْلُ يَنْبُتُ بَيْنَ المَاءِ وَالْعَجَلِ [[البيت لبعض الحميرين، والعجل بلغتهم: الطين.]] ﴿سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ﴾ [نَزَلَ هَذَا فِي الْمُشْرِكِينَ] [[في "ب": (هذا في جواب قول المشركين) .]] كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَ الْعَذَابَ وَيَقُولُونَ: أَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ، وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي النَّضِرِ بْنِ الْحَارِثِ [[ذكر القول صاحب زاد المسير: ٥ / ٣٥١.]] فَقَالَ تَعَالَى: ﴿سَأُرِيكُمْ آيَاتِي﴾ أَيْ مَوَاعِيدِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونَ، أَيْ فَلَا تَطْلُبُوا الْعَذَابَ مِنْ قَبْلِ وَقْتِهِ، فَأَرَاهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقِيلَ: كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَ الْقِيَامَةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب