الباحث القرآني

﴿أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ﴾ يُبَيِّنْ لَهُمُ الْقُرْآنُ، يَعْنِي: كُفَّارَ مَكَّةَ، ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ﴾ دِيَارِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ إِذَا سَافَرُوا. وَالْخِطَابُ لِقُرَيْشٍ كَانُوا يُسَافِرُونَ إِلَى الشَّامِ فَيَرَوْنَ دِيَارَ الْمُهْلَكِينَ مَنْ أَصْحَابِ الْحِجْرِ وَثَمُودَ وَقَرْيَاتِ لُوطٍ. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾ لِذَوِي الْعُقُولِ. ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى﴾ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، تَقْدِيرُهُ: وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكُ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى، وَالْكَلِمَةُ الْحُكْمُ بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ، أَيْ وَلَوْلَا حُكْمٌ سَبَقَ بِتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ وَأَجَلٌ مُسَمًّى وَهُوَ الْقِيَامَةُ لَكَانَ لِزَامًا، أَيْ لَكَانَ الْعَذَابُ لَازِمًا لَهُمْ كَمَا لَزِمَ الْقُرُونَ الْمَاضِيَةَ الْكَافِرَةَ. ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ [[انظر فيما سبق: ٣ / ٣٢ تعليق (١) .]] ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ ، أَيْ صَلِّ بِأَمْرِ رَبِّكَ. وَقِيلَ: صَلِّ لِلَّهِ بِالْحَمْدِ لَهُ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ﴾ يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ، ﴿وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ صَلَاةَ الْعَصْرِ، ﴿وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ﴾ سَاعَاتِهَا وَاحِدُهَا إِنْيٌ، ﴿فَسَبِّحْ﴾ يَعْنِي صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، ﴿وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾ يَعْنِي صَلَاةَ الظُّهْرِ، وَسَمَّى وَقْتَ الظُّهْرِ أَطْرَافَ النَّهَارِ لِأَنَّ وَقْتَهُ عِنْدَ الزَّوَالِ، وَهُوَ طَرَفُ النِّصْفِ الْأَوَّلِ انْتِهَاءً وَطَرَفُ النِّصْفِ الْآخَرِ ابْتِدَاءً. وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَمِنْ أَطْرَافِ النَّهَارِ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ، لِأَنَّ الظَّهْرَ فِي آخِرِ الطَّرَفِ الْأَوَّلِ مِنَ النَّهَارِ، وَفِي أَوَّلِ الطَّرَفِ الْآخِرِ، فَهُوَ فِي طَرَفَيْنِ مِنْهُ وَالطَّرَفُ الثَّالِثُ غُرُوبُ الشَّمْسِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يُصَلَّى الْمَغْرِبُ. ﴿لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ أي ترضى ١٥/أثَوَابَهُ فِي الْمَعَادِ، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ "تَرْضَى" بِضَمِّ التَّاءِ أَيْ تُعْطَى ثَوَابَهُ. وَقِيلَ: ﴿تَرْضَى﴾ أَيْ يَرْضَاكَ اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا قَالَ: "وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا" (مَرْيَمَ: ٥٥) وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ لَعَلَّكَ تَرْضَى بِالشَّفَاعَةِ، كَمَا قَالَ: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" (الضَّحَى:٥) . أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْخَطِيبُ الْحُمَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ إِمْلَاءً، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ: "إِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا"، ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [[أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر: ٢ / ٣٣، ومسلم في المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما برقم: (٦٣٣) : ١ / ٤٣٩، والمصنف في شرح السنة: ٢ / ٢٢٤.]] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب