الباحث القرآني
قَوْلُهُ ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ﴾ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي طَيْطُوسَ بْنِ إِسْبِيسَبَانُوسَ الرُّومِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ غَزَوْا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَتَلُوا مُقَاتَلِتَهُمْ وَسَبَوْا ذَرَّارِيهِمْ، وَحَرَّقُوا التَّوْرَاةَ وَخَرَّبُوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَقَذَفُوا فِيهِ الْجِيَفَ وَذَبَحُوا فِيهِ الْخَنَازِيرَ، فَكَانَ خَرَابًا إِلَى أَنْ بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ بُخْتُنَصَّرُ وَأَصْحَابُهُ غَزَوُا الْيَهُودَ وَخَرَّبُوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ذَلِكَ النَّصَارَى، طَيْطُوسُ الرُّومِيُّ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ الرُّومِ [[انظر الدر المنثور: ١ / ٢٦٤-٢٦٥، وتفسير ابن كثير: ١ / ٢٧٤، والطبري: ٢ / ٥٢٠-٥٢١.]] ، قَالَ السُّدِّيُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَتَلُوا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، وَقَالَ قَتَادَةُ: حَمَلَهُمْ بَعْضُ الْيَهُودِ عَلَى مُعَاوَنَةِ بُخْتُنَصَّرَ الْبَابِلِيِّ (الْمَجُوسِيِّ) [[زيادة من ب.]] فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ﴾ أَيْ أَكْفَرُ وَأَعْتَى ﴿مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ يَعْنِي بيت المقدس ومحاربيه [[وأخرج ابن أبي حاتم أن قريشا منعوا النبي ﷺ الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام، فأنزل الله تعالى: "ومن أظلم ... "، انظر: لباب النقول للسيوطي: ص ٤٣٨ بهامش الجلاليين ورجحه ابن كثير، وأخرج ابن كثير، وأخرج ابن جرير عن أبي زيد قال: هؤلاء المشركون - حين حالوا بين رسول الله ﷺ يوم الحدييبة وبين أن يدخل مكة، قال: وأولى التأويلات قول من قال: عنى الله عز وجل بقوله "ومن أظلم ... " النصارى، انظر: تفسير الطبري ٢ / ٥٢١.]] .
﴿أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى﴾
عَمِلَ ﴿فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مَوْضِعُ حَجِّ النَّصَارَى وَمَحَلُّ زِيَارَتِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمْ يَدْخُلْهَا يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ بَعْدَ عِمَارَتِهَا رُومِيٌّ إلا خائفأ ١٧/ب لَوْ عُلِمَ بِهِ لَقُتِلَ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: لَا يَدْخُلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَحَدٌ مِنَ النَّصَارَى إِلَّا مُتَنَكِّرٌ لَوْ قُدِرَ عَلَيْهِ لَعُوقِبَ، قَالَ السُّدِّيُّ: أُخِيفُوا بِالْجِزْيَةِ. وَقِيلَ: هَذَا خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، أَيْ أَجْهَضُوهُمْ بِالْجِهَادِ حَتَّى لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ (مِنْهُمْ) [[زيادة في ب.]] إِلَّا خَائِفًا مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ أَيْ مَا يَنْبَغِي ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾ عَذَابٌ وَهَوَانٌ، قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الْقَتْلُ لِلْحَرْبِيِّ وَالْجِزْيَةُ لِلذِّمِّيِّ، قَالَ مُقَاتِلٌ (وَالْكَلْبِيُّ) [[والكلبي زيادة في ب.]] تُفْتَحُ مَدَائِنُهُمُ الثَّلَاثَةُ قُسْطَنْطِينِيَّةُ، وَرُومِيَّةُ، وَعَمُّورِيَةُ [[أخرج الإمام أحمد في المسند: ٢ / ١٧٦ عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وسئل: أي المدينتين تفتح أولا: القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق، قال: فأخرج منه كتابا، قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عله وسلم نكتب، إذ سئل رسول الله ﷺ: أي المدينتين تفتح أولا: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول ﷺ: مدينة هرقل تفتح أولا، يعني قسطنطينية". وصححه الحاكم في المستدرك: ٤ / ٥٠٨،٥٥٥، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ٦ / ٢١٩: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير أبي قبيل وهو ثقة. و (رومية) : مخففة الياء المنقوطة من تحت - هي مدينة رياسة الروم وعلمهم، من عجائب الدنيا بناء وسعة وكثرة خلق، وقد حكي فيها حكايات تأباها العقول وتستبعدها، انظر: مراصد الاطلاع للبغدادي: ٢ / ٦٤٢. و (عمورية) ، بفتح أوله وتشديد ثانيه: بلد ببلاد الروم، غزاه المعتصم ففتحه، كان من أعظم فتوح الإسلام، مراصد الاطلاع: ٢ / ٩٦٣. و (قسطنطينية) ويقال: قسطنطينة بإسقاط ياء النسبة؛ كان اسمها بزنطية، فنزلها قسطنطين الأكبر، وبنى عليها سورا وصارت دار ملك الروم وعاصمتهم، مراصد الاطلاع: ٣ / ١٠٩٢، وكتب الله تعالى فتحها للمسلمين على يد السلطان العثماني محمد الفاتح، الذي لقب بذلك لفتحه القسطنطينية، في سنة (٨٥٧هـ) (١٤٥٣م) .]] ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ النَّارُ، وَقَالَ عَطَاءٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي مَكَّةَ، وَأَرَادَ بِالْمَسَاجِدِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مَنَعُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابَهُ مِنْ حَجِّهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَإِذَا مَنَعُوا مِنْ أَنْ يَعْمُرَهُ بِذِكْرٍ فَقَدْ سَعَوْا فِي خَرَابِهِ ﴿أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ﴾ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُ أَفْتَحُهَا عَلَيْكُمْ حَتَّى تَدْخُلُوهَا وَتَكُونُوا أَوْلَى بِهَا مِنْهُمْ، فَفَتَحَهَا عَلَيْهِمْ وَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ مُنَادِيًا يُنَادِي: "أَلَا لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ مُشْرِكٌ" [[أخرجه البخاري: في الصلاة - باب: ما يستر من العورة: ١ / ٤٧٧ وفي الحج والمغازي والجهاد والتفسير. ومسلم: في الحج - باب: لا يحج البيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، برقم (١٣٤٧) ٢ / ٩٨٢. وأخرجه المصنف في شرح السنة: ٧ / ١٢١.]] فَهَذَا خَوْفُهُمْ، وَثَبَتَ فِي الشَّرْعِ أَنْ لَا يُمَكَّنَ مُشْرِكٌ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ، ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾ الذُّلُّ وَالْهَوَانُ وَالْقَتْلُ وَالسَّبْيُ وَالنَّفْيُ.
{"ayah":"وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ أَن یُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِی خَرَابِهَاۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن یَدۡخُلُوهَاۤ إِلَّا خَاۤىِٕفِینَۚ لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق