الباحث القرآني
﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ أَيِ اتَّقَوُا الشِّرْكَ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ. وَالنَّجَاةُ إِنَّمَا تَكُونُ مِمَّا دَخَلْتَ فِيهِ [[اختلف المفسرون في تفسير الورود ورجوع الضمير على ما رأيت وهذا الذي رجحه المصنف رحمه الله وقال: إنه مذهب أهل السنة، رده أبو حيان والطبري وغيرهما. وأصول الأقوال في ذلك: ١- أن الخطاب للكافرين وعلى هذا فهم الذين يدخلون النار. ٢- الخطاب عام في حق المؤمنين والكافرين واختلفوا في تفسير الورود على أقوال خمسة: أحدها: الدخول الثاني: المرور عليها، الثالث: الحضور، الرابع: أن ورود المسلمين عليها هو مرورهم على الصراط وورود المشركين: دخولهم النار، والخامس: أن ورود المؤمنين إليها: ما يصيبهم من الحمى في الدنيا. انظر: زاد المسير: (٥ / ٢٥٤-٢٥٧) . وأرجح هذه الأقوال: ما ذهب إليه الطبري رحمه الله حيث قال: (١٦ / ١١٢) : "يردها الجميع ثم يصدر عنها المؤمنون فينجيهم الله ويهوي فيها الكفار، وورودهموها هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله ﷺ من مرورهم على الصراط المنصوب على متن جهنم فناج مسلم ومكدس فيها".. ثم ساق الأحاديث ... وهو أيضا ما رجحه صاحب شرح العقيدة الطحاوية فقال: ص (٤٧٨) "والأظهر الأقوى: أنه المرور على الصراط". وانظر: تفسير ابن كثير: ٣ / ١٣٢-١٣٤، البحر المحيط: ٦ / ٢٠٩-٢١٠.]] .
وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ: " نُنْجِي " بِالتَّخْفِيفِ. وَالْآخَرُونَ: بِالتَّشْدِيدِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا: مَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرِّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيَلِجُ النَّارَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ" [[أخرجه البخاري في الأيمان والنذور باب قول الله تعالى: "وأقسموا بالله جهد أيمانهم" ١١ / ٥٤١، ومسلم في البر والصلة والآداب باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه برقم (٢٦٣٢) : ٤ / ٢٠٢٨، والمصنف في شرح السنة: ٥ / ٤٥١.]] .
وَأَرَادَ بِالْقَسَمِ قَوْلَهُ: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ النُّعَيْمِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ" [[أخرجه البخاري في الإيمان باب زيادة الإيمان ونقصه: ١ / ١٠٣، ومسلم في الإيمان باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها برقم (١٩٣) : ١ / ١٨٢، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ١٩١.]] وَقَالَ أَبَانُ عَنْ قَتَادَةَ: "مِنْ إِيمَانٍ" مَكَانَ "خَيْرٍ".
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الشُّجَاعِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ النُّعْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ الْجُرْجَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ أَبُو النُّعْمَانِ أَخْبَرَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الظِّلَالِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "أَنَّ رَجُلًا فِي النَّارِ يُنَادِي أَلْفَ سَنَةٍ يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لجبريل: اذهب فائتني بِعَبْدِي هَذَا قَالَ: فَذَهَبَ جِبْرِيلُ فَوَجَدَ أَهْلَ النَّارِ مُنْكَبِّينَ يَبْكُونَ قَالَ: فَرَجَعَ فَأَخْبَرَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اذْهَبْ فَإِنَّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: فَجَاءَ بِهِ قَالَ: يَا عَبْدِي كَيْفَ وَجَدْتَ مَكَانَكَ وَمَقِيلَكَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ شَرَّ مَكَانٍ وَشَرَّ مَقِيلٍ قَالَ، رُدُّوا عَبْدِي قَالَ: مَا كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تُعِيدَنِي إِلَيْهَا إِذْ أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ دَعُوا عَبْدِي" [[أخرجه الإمام أحمد في المسند: ٣ / ٢٣٠، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ١٩٣-١٩٤. وفيه أبو ظلال واسمه: هلال القسملي البصري ضعفه ابن معين وأبو داود والنسائي. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات (التهذيب: ١١ / ٧٥-٧٦) .]] .
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: "لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا" (الْأَنْبِيَاءِ:١٠٢) قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ عَنْ وَقْتِ كَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا قَدْ سَمِعُوا ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: لَمْ يَسْمَعُوا حَسِيسَهَا وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَسْمَعُوا حَسِيسَهَا عِنْدَ دُخُولِهِمْ إِيَّاهَا لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَجْعَلُهَا عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا.
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ: يَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ أَلَمْ يَعِدْنَا رَبُّنَا أَنْ نَرِدَ النَّارَ؟ فَيُقَالُ بَلَى وَلَكِنَّكُمْ مَرَرْتُمْ بِهَا وَهِيَ خَامِدَةٌ [[رواه ابن إسحاق وأبو عبيد في "الغريب" وابن المبارك في الزهد عن خالد بن معدان. انظر: الكافي الشاف ص (١٠٧) .]] .
وَفِي الْحَدِيثِ: تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِ: "جُزْ يَا مُؤْمِنُ فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي" [[رواه أبو نعيم في الحلبة: ٩ / ٣٢٩، والخطيب في تاريخ بغداد: ٥ / ١٩٤، ٩ / ٢٣٣، والطبراني في الكبير وابن عدي في الكامل والحكيم الترمذي في نوادر الأصول. وفي سنده: سليم بن منصور بن عمار وهو ضعيف. انظر: مجمع الزوائد: ١٠ / ٣٦٠، كشف الخفاء: ١ / ٣٧٣-٣٧٤.]] .
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ قَالَ: مَنْ حُمَّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ وَرَدَهَا [[رواه الطبري: ١٦ / ١١١.]] .
وَفِي الْخَبَرِ: "الْحُمَّى كِيرٌ مِنْ جَهَنَّمَ وَهِيَ حَظُّ الْمُؤْمِنِ مِنَ النَّارِ" [[أخرجه الإمام أحمد: ٥ / ٢٥٢، والطحاوي في مشكل الآثار: ٣ / ٦٨، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة": ٤ / ٤٣٧-٤٣٨. وانظر: الكافي الشاف ص (١٠٧) .]] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ النُّعَيْمِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ" [[أخرجه البخاري في الطب باب الحمى من فيح جهنم: ١٠ / ١٧٤، ومسلم في السلام باب لكل داء دواء برقم (٢٢١٠) : ٤ / ١٧٣٢، والمصنف في شرح السنة: ١٢ / ١٥٣.]] .
﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾ أَيْ: كَانَ وُرُودُكُمْ جَهَنَّمَ حَتْمًا لَازِمًا ﴿مَقْضِيًّا﴾ قَضَاهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ.
﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ أَيِ اتَّقَوُا الشِّرْكَ وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ " نُنْجِي " بِالتَّخْفِيفِ وَالْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ ﴿وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ جَمِيعًا. وَقِيلَ: جَاثِينَ عَلَى الرُّكَبِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ دَخَلُوهَا ثُمَّ أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا الْمُتَّقِينَ وَتَرَكَ فِيهَا الظَّالِمِينَ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ النُّعَيْمِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدِ اللَّيْثِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ" قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ" قَالُوا: لَا قَالَ: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتْبَعْهُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الشَّمْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الْقَمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْبَعُ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ الله فيقول: ٩/ب أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَدْعُوهُمْ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ [[ساقط من "أ".]] مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ وَكَلَامُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ وَفِي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ هَلْ رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُجَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا [[احترقوا.]] فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ [["الحبة" هي بزر البقول والعشب تنبت في البراري وجوانب السيول وجمعها "حب" و"حميل السيل": ما جاء به السيل من الطين أو غثاء.]] ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ قِبَلَ النَّارِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا [["قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها" معناها: سمني وآذاني وأهلكني لهبها وشدة وهجها.]] فَيَقُولُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فعلت ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ. فَيُعْطِي اللَّهَ مَا شاء الله مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الْجَنَّةِ رَأَى بَهْجَتَهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ فَيَقُولُ: فَمَا عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ لَا أسألك غَيْرَ ذَلِكَ فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا فَرَأَى زَهْرَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ فسكت مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ فيقول الله تعالى: ويلك يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ فَيَضْحَكُ اللَّهُ مِنْهُ ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى حَتَّى إذا انقطع -[٢٥١]- أُمْنِيَّتُهُ قَالَ اللَّهُ تعالى: تمن كَذَا وَكَذَا أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "قال الله تعالى لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ" قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَّا قَوْلَهُ: لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ" [[أخرجه البخاري في التوحيد باب قول الله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة" ١٣ / ٤١٩-٤٢٠ ومسلم في الإيمان باب معرفة طريق الرؤية برقم (١٨٢) : ١ / ١٦٣-١٦٧، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ١٧٣.]] .
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ: فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا آتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ [[أخرجه البخاري في الرقاق باب الصراط جسر جهنم: ١١ / ٤٤٤-٤٤٥.]] .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحِيرِيُّ أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يُعَذَّبُ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ فِي النَّارِ حَتَّى يَكُونُوا حُمَمًا ثُمَّ تُدْرِكُهُمُ الرحمة قال: فيخرون فَيُطْرَحُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ قَالَ: فَيَرُشُّ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْمَاءَ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْقِثَّاءُ فِي حِمَالَةِ السَّيْلِ ثُمَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ" [[أخرجه الترمذي في صفة جهنم باب ما جاء أن للنار نفسين وما ذكر من يخرج من النار من أهل التوحيد: ٧ / ٤٣٢٤ - ٤٣٢٥، وقال: "هذا حديث حسن صحيح" والإمام أحمد: ٣ / ٧٧، والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ١٩١-١٩٢.]] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الجَوْزَجَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنِّي لَأَعْرِفُ آخِرَ أَهْلِ النار خروجا من النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْهَا زَحْفًا فَيُقَالُ لَهُ: انْطَلِقْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ فيذهب ليدخل الجنة فَيَجِدُ النَّاسَ قَدْ أَخَذُوا الْمَنَازِلَ فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ قَدْ أَخَذَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ فَيُقَالُ: أَتَذْكُرُ الزَّمَانَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ فَيُقَالُ لَهُ: تَمَنَّ فَيَتَمَنَّى فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ الذي تمنيته وَعَشْرَةَ أَضْعَافِ الدُّنْيَا قَالَ فَيَقُولُ: أَتَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ؟ قَالَ: فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ" [[رواية الترمذي هذه أخرجها في صفة جهنم باب ما جاء أن للنار نفسين: ٧ / ٢٢١-٢٢٣ وقال: "هذا حديث حسن صحيح" والحديث أخرجه أيضا: البخاري في الرقاق باب صفة الجنة والنار: ١١ / ٤١٨-٤١٩ والمصنف في شرح السنة: ١٥ / ١٨٨-١٨٩.]] .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَدْخُلَ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَحَدٌ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ" قَالَ: قَلَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾ قَالَ: أَفَلَمْ تَسْمَعِيهِ يَقُولُ: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ [[أخرجه ابن ماجه في الزهد باب ذكر البعث: ٢ / ١٤٣١ والإمام أحمد في المسند: ٦ / ٢٨٥ وهناد في الزهد: ١ / ٣٢٨ وابن جرير في التفسير: ١٦ / ١١٢ وابن أبي عاصم في السنة: ٢ / ٤١٤ وأخرجه من طريق أخرى الإمام مسلم في فضائل الصحابة بنحوه برقم (٢٤٩٦) : ٤ / ١٩٤٢ والإمام أحمد في المسند: ٦ / ٤٢٠ وأخرجها المصنف في شرح السنة: ١٤ / ١٩٣.]] .
{"ayah":"ثُمَّ نُنَجِّی ٱلَّذِینَ ٱتَّقَوا۟ وَّنَذَرُ ٱلظَّـٰلِمِینَ فِیهَا جِثِیࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق